تكفير أصحاب برنامج “عيال الله” في تونس/محمد معمري

هو برنامج حضاري يهتم بالشأن الديني من زاوية تعتمد الدراسات العلمية منهجاً لها، برنامج “عيال الله” الذي يبث على أمواج الإذاعة الوطنية التونسية (إذاعة رسمية) ويقدمه الإعلامي ومدير الإذاعة تونس الثقافية السابق، محمد الصالح العبيدي، ويحاور فيه المفكر وصاحب مجموعة هامة من الكتب صدرت باللغتين العربية والفرنسية حول الإسلام يوسف الصديق.

2786

تعرض أصحابه إلى حملة (الهرسلة) وصلت إلى حدّ تشبيه يوسف الصديق من المجلس الإسلامي الأعلى في تونس بسلمان رشدي متهمين إياه في رسالة وجهت إلى مدير الإذاعة

الوطنية، سفيان بن عيسى، بالإساءة للإسلام والقرآن الكريم. أثارت الرسالة موجةً من الانتقادات خاصة وأنّها “تأتي ضمن سياق تشهد فيه تونس عديد العمليات الإرهابية وهو ما يعرض أصحاب البرنامج إلى الخطر”، كما صرح به لـ”العربي الجديد” مقدم البرنامج محمد صالح العبيدي.

وأضاف العبيدي: “مورست علينا في البداية ضغوط من قبل وزارة الشؤون الدينية من أجل إيقاف البرنامج لتتوج برسالة المجلس الإسلامي الأعلى وهو مجلس استشاري بعث في بداية التسعينات بغاية نشر قيم الإسلام المعتدل وإبراز جوانبه السمحة فإذا به يصدمنا بخطابه ذي النزعة التكفيرية”.

أما عن طبيعة البرنامج، فبيّن الإعلامي، محمد صالح العبيدي، أنه “برنامج حضاري له طابع جدالي يطرح القضايا المسكوت عنها بعيداً عن أي “صندقة فكرية” (أفكار خارج العلبة أو الصندوق) أو مذهبية، خصوصاً وأن يوسف الصديق معروف بكتاباته التنويرية في المجال الديني، والتي تلقى رواجاً كبيراً، خصوصاً المنشورة في دور نشر فرنسية، وهي كتابات تعمل على إبراز الجانب المستنير من الدين الإسلامي الذي يتعرض إلى عملية تشويه كبرى”، كما قال.

وعن مدى صحة الأنباء عن العزم عن التوقف عن إنتاج برنامج “عيال الله”، أشار العبيدي إلى أن ” إدارة الإذاعة الوطنية التونسية تلقت رسالة المجلس الإسلامي الأعلى، لكنها مصرّة على مواصلة بث البرنامج بعد الانتهاء من برمجة شبكة رمضان”.

اقرأ أيضاً: الإعلام التونسي في قلب الإرهاب مجدداً

النقابات الصحافية في تونس ومركز تونس لحرية الصحافة، لم يصدرا أي تعليق عن هذه الرسالة التي لم تنشر بعد للعموم، لكن في المقابل يلقى محمد صالح العبيدي ويوسف الصديق دعماً

كبيراً من منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير كما ساندت عديد الشخصيات العلمية والأكاديمية العبيدي والصديق معتبرين، أن مثل هذه التدخلات من هياكل رسمية في الإعلام قد تؤسس إلى تضييق على حرية الإعلام باسم حماية الإسلام أو في المقابل باسم مقاومة الإرهاب، حيث كتبت الدكتورة رجاء بن سلامة: “ما يسمّى بـ”المجلس الإسلاميّ الأعلى”، وهو على حدّ علمي صنيعة بن علي، ولا أدري من هم أعضاؤه الموقّرون، يعتبر المفكّر يوسف الصّدّيق “مارقاً عن الدّين”، ويطالب بالكفّ عن بثّ برنامجه على الإذاعة الوطنيّة. لم يصل إلى آذان أعضاء هذا المجلس نبأ دستور جديد يمنع التكفير ويقرّ بحرّيّة الضّمير؟ نحارب الإرهاب فتخرج لنا ثقافة الإرهاب من كلّ فجّ؟ سندافع عن حرّية يوسف الصدّيق في أن يقول ما يريد، وعن حقّه في أن يؤوّل ويترجم النّصّ القرآنيّ استناداً إلى عقله وضميره. من هنا يبدأ الإصلاح الدّينيّ”.

قضية برنامج يوسف الصديق ورميه بالكفر من المجلس الإسلامي الأعلى مرشحة إلى تطورات أخرى، خصوصاً في ظل حالة الاحتقان التي تشهدها الساحة السياسية والفكرية التونسية بعد تتالي العمليات الإرهابية.

نقلاعن العربی جدید