تنتشر ظاهرة تسرب السلاح من مستوعات القوات المسلحة والحشد الشعبي ومن مناطق القتال في العراق، من اجل بيعه في السوق المحلية.
وأكدت مصادر مطلعة في وزارة الدفاع لـ»القدس العربي»، أن الوزارة أصدرت مؤخرا أمرا بتشكيل لجنة لمتابعة ظاهرة فقدان الأسلحة التي تكررت في العديد من مستوعات حفظ السلاح الحكومية أو العائدة للحشد الشعبي، حيث وردت معلومات استخبارية للوزارة عن وجود الكثير من قطع الأسلحة كالبنادق والرشاشات والمسدسات والقنابل اليدوية وغيرها، معروضة للبيع في الأسواق المحلية المعروفة ومنها بعض أسواق مدينة الصدر والشعلة، من خلال تجار الأسلحة الذين يتوفر لديهم مختلف انواع الأسلحة العائدة للحكومة، ووصل الامر إلى عرض بعض التجار لهذه الأسلحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للبيع، حسب قوله.
وذكر المصدر وهو ضابط في الدفاع، ان مصادر الأسلحة المعروضة للبيع تأتي من خلال سرقة بعض القطع من مستودعات الأسلحة من قبل المسؤولين عنها، الذين يستطيعون التلاعب بسجلات الأسلحة الموجودة لديهم وسط حركة السلاح الكبيرة لمواجهة متطلبات الحرب ضد التنظيم. كما يقوم بعض منتسبي الوحدات العسكرية بأخذ أسلحة الجنود الشهداء الذين يسقطون في المعارك او الجنود الهاربين من وحداتهم الذين يتركون اسلحتهم. كما يستفيد بعض المنتسبين من تعرض مواقعهم إلى هجمات من التنظيمات الإرهابية فيقوم باخفاء الأسلحة والادعاء بان التنظيم استولى عليها او تعرضت للدمار اثناء المعارك او القصف المعادي.
وأضاف أن كثرة المعارك والمواجهات وفرت حالات كثيرة يمكن الحصول فيها على بعض الأسلحة التي يتم العثور عليها عند قتل عناصر التنظيم او التي يتم الاستيلاء عليها من مواقع التنظيم او عند اجراء التفتيش والمداهمات على المناطق والبيوت، حيث يتم العثور على الكثير من الأسلحة غير المرخصة رسميا في بيوت المواطنين وكذلك في المناطق المحررة من التنظيم.
واشار المصدر إلى ان ضعف المتابعة من الاجهزة الأمنية لهذه الظاهرة لانشغالها بالتحديات الأمنية، واستغلال بعض العناصر في الأجهزة الأمنية لضعف التدقيق وظروف الحرب الشرسة الممتدة على مساحات واسعة، ساعد في انتشار هذه التجارة، اضافة إلى وجود شبكات وعصابات متخصصة في هذه التجارة الخطيرة.
أما عن المستفيدين من التعامل مع هذه الظاهرة، فأكد المصدر أن انهيار الوضع الأمني دفع بالكثير من المواطنين إلى محاولة اقتناء قطعة سلاح والاحتفاظ بها في بيوتهم لحماية انفسهم من اي اعتداء، كما أن الكثير من العشائر بدأت في شراء الأسلحة لمواجهة العشائر الأخرى عند وقوع مشاكل كما نرى في عشائر الجنوب والوسط من العراق. واضافة إلى ذلك، اخذت بعض الجماعات تشتري أسلحة من السوق السوداء لتشكيل ميليشيات بحجة العمل ضمن الحشد الشعبي للحصول لاحقا على الرواتب والأسلحة والدعم من الحكومة.
ويذكر ان العاصمة العراقية شهدت يوم الجمعة الماضية، انفجارات هائلة ناتجة عن حريق في مستودع اسلحة تابع لاحدى الميليشيات ضمن الحشد الشعبي، جرى خلاله تدمير كميات هائلة من الأسلحة والمتفجرات التي يصعب حصرها وتحديد كميات المدمر والمفقود منها.
وأكدت مصادر أخرى لـ «القدس العربي» أن بعض الميليشيات المدعومة من إيران، تحصل على الكثير من السلاح الإيراني وتقوم ببيع بعضه في السوق المحلية نظرا لضعف متابعة الأجهزة الحكومية لمثل هذا السلاح وعدم تسجيله في السجلات الرسمية.
ويؤكد المراقبون أن تجارة السلاح انتشرت بشكل اصبح يثير القلق لدى العراقيين، كونه أحد العوامل المساعدة في انتشار العنف والجريمة المنظمة في المجتمع، كما يحمل الكثير من المخاطر وخاصة عندما يتعلق الأمر باستفادة التنظيمات الإرهابية من هذه التجارة في تنفيذ جرائمها وتموين نشاطاتها.ويحمّل اولئك المراقبون الاجهزة الحكومية مسؤولية استفحال هذه الظاهرة نظرا لعدم امكانية السيطرة على الأوضاع الأمنية وانتشار العنف والجريمة المنظمة، وعدم قيامها بوضع ضوابط لتنظيم حيازة بعض الشرائح من المواطنين للاسلحة للدفاع عن انفسهم مثل الصحافيين والاطباء واساتذة الجامعات الذين غالبا ما يكونون هدف للجريمة والخطف.
نقلاعن: ایلاف