أحيا اليابانيون السبت الماضي الذكرى السنوية لضحايا أول قنبلة ذرية في التاريخ ضربت قبل 71 سنة مدينة هيروشيما بجنوب اليابان، حيث أسفرت الكارثة عن مقتل عشرات الآلاف على الفور، وبحلول نهاية 1945، كان حوالي 140 ألف شخص قد لقوا حتفهم، وأسقطت قنبلة ذرية ثانية على مدينة ناجازاكي في 9 أغسطس 1945 بعد ثلاثة أيام مما أدى إلى مقتل 80 ألف شخص.
وكان من بين ضحايا التفجيرين، عشرات الآلاف من الكوريين وطلاب من الصين وجنوب شرق آسيا، وأسرى حرب أمريكيين وأوروبيين.
لقد تصاعد نضال أنصار السلام في العالم ضد الخطر الذي يمثله سباق التسلح والتكديس المتزايد للأسلحة النووية تحت شعار «لا للأسلحة النووية» ومن هنا دوت الدعوة إلى تجنب الكارثة النووية مثل الإنذار، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات المبشرة.
إن ما وحّد الناس، هو القلق الهائل على مستقبل البشرية.. هكذا تقول المعارضة الواسعة ضد الأسلحة النووية.. لقد أدركت الشعوب أن تلك الكارثة التي لا مثيل لها يمكن تجنبها، وأن المحافظة على السلام مهمة واقعية شريطة أن تعالج النزاعات بشكل مشترك بين الدول. وكل نزاع يمكن تسويته عن طريق الحوار وتبادل الآراء، عن طريق المفاوضات، في المحافل الدولية، وعن طريق التحكيم الدولي.
واليوم يتساءل أنصار السلام، بينما يقترب العدد المتبقي من الناجين من قنبلتي هيروشيما وناجازاكي من نهاية حياتهم، إلى أي مدى قد استوعب العالم الدروس المستفادة من تلك التفجيرات النووية؟
وهل يمكن تمر عقود أخرى دون حدوث تفجيرات نووية جديدة؟
يقول الخبير في معهد العلاقات الدولية اندريه إيفانوف: الجميع يعترف أن إلقاء القنبلتين من قبل الأمريكيين كانت مأساة رهيبة على الشعب الياباني وما تزال عواقبها الوخيمة على شعوبها فهم يمرضون ويموتون حتى يومنا هذا. ويستمر الجدل حول ما إذا كان استخدام القنابل الذرية ضد اليابان عملًا مبررًا. فعلى سبيل المثال هناك اعتقاد سائد في الولايات المتحدة مفاده أنه ما من شيء مثل الإبادة النووية في هيروشيما وناجازاكي، أجبرت اليابان على الاستسلام، وهذا هو الذي أنقد حياة عدة آلاف من الجنود الأمريكيين والبريطانيين، الصينيين والسوفيت، وحتى اليابانيين أنفسهم. (صوت روسيا)
لقد صرح رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل آنذاك أن اليابان أجبرت على الاستسلام ليس بسبب القنبلة الذرية الأمريكية، وإنما دخول الاتحاد السوفيتي الحرب، وهذه وجهة النظر معروفة ولكنها أصبحت في غياهب النسيان في الغرب!!
في مجمل الحديث يرى إيفانوف: يجب أن نعترف بصراحة أنه وللأسف لاتزال الأسلحة النووية اليوم في كثير من البلدان، الضمانة الوحيدة التي يعولون فيها على وجودهم. على سبيل المثال، اسرائيل. لكن بالمناسبة إذا كان وجود الأسلحة النووية في اسرائيل لا يلقى معارضة من الولايات المتحدة، فإن الرغبة في الحصول على القنبلة النووية في بيونغ يانغ سيسبب عاصفة من السخط. ولكن علينا أن نؤكد أن الأسلحة النووية لكوريا الشمالية هو المفتاح لإنقاذ البلاد. فواشنطن، التي تعمل على استبدال الأنظمة تلو الأخرى، ترفض إعطاء بيونغ يانغ أي ضمانات الحصانة، وهذا ما ينطبق على إيران أيضًا، ويجدر بنا أن نذكر أن الاستخدام النووي من أجل الأغراض السلمية حق للجميع دون تمييز!
وتحت عنوان «تاريخ لا ينسى هيروشيما» كتب عن قاهر القنبلتين وهي قصة عن أحد الناجين من الانفجار.
كان المهندس ذو التاسعة والعشرين عامًا والموظف لدى شركة ميتسوبيشي «تسوتومو ياماغوتشي» في رحلة عمل في مدينة هيروشيما اليابانية في صباح يوم 6 أغسطس من عام 1945، حين تم إسقاط أول قنبلة ذرية من قبل الولايات المتحدة على اليابان!
كان المهندس الشاب على بعد أقل من ميلين (أقل من 3.2 كيلومتر) من نقطة الانفجار، مما أدى إلى تمزق طبلتي أذنيه واحتراق جذعه العلوي جراء الانفجار.
أمضى السيد ياماغوتشي ليله في ملجأ قنابل في هيروشيما، ليعود في اليوم التالي إلى مسقط رأسه في مدينة ناجازاكي متحدثًا مع رئيسه عن تجربته مع انفجار هيروشيما، حين ملأ نفس الوميض الأبيض المكتب الذي كان فيه. إنه وميض انفجار القنبلة الذرية الثانية التي ألقيت على مدينة ناجازاكي من قبل الأمريكيين!
يعتقد بوجود 165 شخصًا نجوا من كلا الانفجارين، ولكن تسوتومو ياماغوتشي هو الناجي الوحيد من القنبلتين الذريتين حسب السلطات اليابانية. عاش ياماغوتشي حياته مناهضًا للأسلحة النووية، ودعا إلى حظر استخدامها سنة 2006 في مؤتمر للأمم المتحدة. توفي ياماغوتشي في عام 2010 عن عمر يناهز الثالثة والتسعين بعد صراع مع مرض سرطان المعدة.
وفي رأي المدافعين عن البشرية ضد الحروب النووية إذا لم تكن هناك أي ضمانات موثوق بها ضد أي عدوان خارجي يمكن أن تتعرض إليه أي بلد، فإن الحلم بعالم خالٍ من الأسلحة النووية سوف يبقى حلمًا!