من تجنيده “المرتزقة الأجانب” إلى دعوته “النساء الإيرانيات” إلى التطوع في سوريا، مؤشرات أزمة متنامية يعاني منها الحرس الثوري الإيراني، قد تهدد الأسطورة، التي تخوض حروب قذرة بأربع عواصم عربية على الأقل، كلفته ضريبة بشرية يبدو أنها لم تعد محتملة، بل أدت إلى سخط شعبي داخلي بأوساط أسر عناصر الميلشيات الإيرانية، جعلت قادة الحرس في مأزق، فهل ستغير إيران سياساتها التوسعية بالمنطقة، وتتوقف عن إشعال النزاعات الطائفية أم أنها تمهد لمزيد من الحروب البرية الطائفية القادمة والحشد الطائفي، وتتجه لشحذ الرجال عبر تجنيد النساء؟
تطوع النساء الإيرانيات
لأول مرة منذ بداية الأزمة السورية انتشرت الجمعة إعلانات واسعة في إيران تدعو النساء الإيرانيات، الراغبات بالتطوع للدفاع عن مزار السيدة زينب في سوريا إلى تسجيل أسمائهن ضمن شروط خاصة، حتى تتم الموافقة على طلبهن.ويدعو المنشور النساء الإيرانيات إلى “الالتزام بالأخلاق الزينبية حتى يتم إرسالهن إلى سوريا”، مشيرا إلى أن “من يذهبن للدفاع عن مزار السيدة زينب يجب أن يتمتعن بأخلاق السيدة زينب”.
وحول دعوة الحرس الثوري الإيراني لتسجيل النساء الإيرانيات وإرسالهن إلى سوريا. علق عدد من الإيرانيين منهم علي، وهو إيراني علق على الصورة مستغربا بالقول: “انظروا حتى النساء أصبحوا يرسلونهن إلى سوريا”.
فيما لم يعلق أي مسؤول إيراني حتى الآن على دعوة الحرس الثوري، فيما يتوقع أن تثير الدعوة المزيد من الجدل في المجتمع الإيراني، وبخاصة بين جناحيه الإصلاحي والمحافظ، ويرصد مراقبون للشأن الإيراني من الداخل أن دعوة النساء الإيرانيات للتطوع والذهاب إلى سوريا، “تؤكد عمق المأزق الذي يمر به الحرس الثوري في سوريا، وإن إرسال النساء الإيرانيات إلى سوريا يعتبر فضيحة مدوية للحرس الثوري الإيراني، الذي اتهم المعارضة السورية سابقا باستغلال النساء داخل صفوف الثورة السورية دون وجود أي دليل مادي يثبت ذلك، فيما بات ثابتا وجود دعوة للنساء الإيرانيات للتطوع، بدليل أن الإيرانيين أنفسهم هم من “صوروا تلك الدعوات ونشروها على مواقع التواصل الاجتماعي”.
في سياق متصل؛ خرجت الجمعة تقارير إيرانية رسمية تشير إلى دفن ما يقرب من عشرة عناصر من لواء “فاطميون” في إيران، وأغلبهم من الذين لقوا مصرعهم في معركة خان طومان الشهيرة، التي تكبد فيها الحرس الثوري الإيراني خسائر بشرية فادحة.
غضب وتوقف إرسال قوات
تأيي الدعوة لتطوع النساء بالتزامن مع تنامي سخط شعبي ضد قادة الحرس الثوري لأول مرة، فقد كشفت وكالة “البسيج” للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني بمنتصف مايو الجاري نقلا عن أحد مسؤولي الحرس عن توقف إرسال قوات البسيج والحرس من محافظة مازندران إلى سوريا والعراق بسبب أحداث معركة خان طومان.وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن حجة الإسلام كاظمي، وهو أحد المسؤولين الإيرانيين الذين يشرفون على النشاط العسكري الإيراني بسوريا، أعلن عن توقف إرسال أي قوات عسكرية من محافظة مازندران إلى مناطق الحرب في سوريا والعراق بسبب مقتل 13 ضابطا من قوات الحرس الثوري التابعة لمحافظة مازندران في خان طومان.
وقال كاظمي: “وبعد هذا الحدث قدم بعض قادة الحرس الثوري من محافظة مازندران شكوى موقعة بصورة عريضة تحمل بعض الملامة لسليماني، وسوف تقدم هذه العريضة إلى قائد فيلق قدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني”. فيما تشير بعض التسريبات الإعلامية إلى تدخل حسن روحاني في إيقاف إرسال قوات البسيج والحرس الثوري من محافظة مازندران إلى سوريا.
يأتي هذا التوجه بعد أن كشف القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني، عين الله تبريزي، مقتل 1200 مقاتل إيراني في سوريا منذ عام 2012، حسبما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.ونقلت الوكالة عن تبريزي، الذي كان أحد قادة “حرس كربلاء” في مازندران (محافظة شمال إيران) التابع للحرس الثوري الإيراني قوله: “قتل 1200 محارب لنا في سوريا خلال 4 سنوات”.
مقتل قادة بالحرس الثوري
تعاني إيران من استمرار نزيف قادة الميلشيات الإيرانية وليس فقط عناصر عادية ففي أكتوبر 2015 قتل القيادي في الحرس الثوري حسين همداني في حلب، نائب الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني وكان مسؤولا عن العمليات التي ينفذها لواءا الفاطميين والزينبيين اللذان أرسلتهما إيران لمساندة الأسد، فضلا عن عمليات حزب الله اللبناني في سوريا، وقد أفادت مصادر لرويترز بداية أكتوبر مع بدء الضربات الروسية بأن مئات الجنود الإيرانيين وصلوا منذ أواخر سبتمبر الماضي للمشاركة في هجوم بري كبير في غرب وشمال غرب سوريا.
العميد حسين همداني لم يكن شخصًا عاديًّا وإنما كان أحد أكبر قادة الحرس الثوري الإيراني بسوريا.وتولى مناصب قيادية عليا في الحرس الثوري أثناء حياته العسكرية، من أبرزها: رئيس أركان القوة البرية للحرس الثوري، ونائب قائد قوات التعبئة، والمستشار الأعلى لقائد قوات الحرس الثوري، وقائد فيلق محمد رسول الله (ص) في طهران.
قتل أيضا القائد في قوات الباسيج الإيرانية نادر حميد متأثرا بإصابته في أكتوبر الماضي باشتباكات بسوريا مع المعارضة السورية المسلحة.أيضا قتل الجنرال حسام خوش نويس الملقب بحسن شاطري في كمين على طريق دمشق الزبداني في فبراير 2013.وبعام 2014، لقي الجنرال حسين بادبا مصرعه بمدينة درعا، كما قتل الجنرالان جبار دريساوي وأصفر شيردل بحلب.كما قتل الجنرال عباس عبد الله قائد كتيبة في فيلق عاشوراء، وكذلك الجنرال علي مرادي، بمدينة درعا في فبراير 2015.
كذلك قتل من القيادات الأخرى فى سوريا الجنرال محمد على الله دادى الذى قتل فى سوريا بمدينة القنيطرة يناير الماضى، وقال الحرس الثورى إنه كان متواجدا فى سوريا فى “مهمة استشارية”.
حشد المرتزقة الأجانب
في مؤشر على صعوبة تحمل إيران وحدها كلفة الحرب البرية بسوريا اتجهت بقوة لحشد أجانب مرتزقة، قبل أن تعلن مؤخرا نيتها حشد النساء أيضا، وبرغم تضارب الأنباء حول عدد أولئك المقاتلين، إلا أن وكالة “آكي” الإيطالية للأنباء، ونقلا عن مصدر مقرب من حزب الله اللبناني، : “لقد بلغت الحشود الإيرانية على الأرض في سوريا نحو 80 ألف مقاتل، بينها فرقة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني ترابط بالقرب من مدينة حلب شمال سوريا، وكذلك مقاتلون من حزب الله اللبناني ومليشيات عراقية وأفغانية في أكثر من منطقة سورية”.
وكشف المصدر عن خطط إيران في سوريا، وهي خطط تناقض الخطط الروسية، التي تتمثل بـالسعي “لتثبيت خريطة توازن القوى المرحلية في سوريا، وتسابق الزمن مع روسيا، في تنافس غير مُعلن للسيطرة على أكبر رقعة جغرافية”. كما كشف أن طهران “تسعى للتنسيق مع الأكراد، الذين يحاصرون مدينة الرقة في شمال سوريا”، لافتا إلى أن المدينة التي تُعدّ معقلا رئيسا لتنظيم الدولة، “لها أهمية استراتيجية ـ عسكرية ـ دينية بالنسبة للإيرانيين”.
بالنهاية تعد دعوة النساء الإيرانيات إلى التطوع بحشد طائفي يكشف عن نية إيرانية لاستمرار الحرب البرية في جميع الأحوال برغم نزيف قواتها وقادتها وشبابها.
المصدر : شؤون خليجية-خاص