يتنافس مرشحو الرئاسة الأمريكية منذ زمن بعيد في التقرب إلى إسرائيل، ويعلنونها صراحة أنهم مع الوجود اليهودي، وضمان الأمن الاسرائيلي.. إلى غير ذلك، ويسافر بعضهم إلى تل أبيب لتأكيد الولاء، ويلبس الطاقية، ويذهب إلى حائط البراق (المبكى)؛ ويضع بين لبناته ورقة الأمنيات (ويدَّعون أنهم وصلوا القمر!!).
وكلما اقتربت الانتخابات، كلما ازداد إعلان الولاءات لدرجة الانبطاح السياسي، وكأن المرشح من أفريقيا، وليس من أمريكا.. قائدة العالم!!
وكما ذكرت في مقال سابق أن الشعب الأمريكي مُغَيَّب عن السياسة، ولا يعرف شيئا عن العالم؛ إلا ما تذكره وسائل الإعلام التي يسيطر عليها اليهود، فتجده يصفق ويهلل مع أي كلمة يقولها المرشح، دون تيقن.
ومع التغيرات الهائلة في العالم العربي تحديدا، وبوادر الشرق الأوسط الجديد، رأى بعض المرشحين (ترامب) أن الطريق الأسهل هو اتهام المسلمين جزافا دون دليل، مستخدما الإسلاموفوبيا، أمام شعب مغيب، ودعم إعلامي صهيوني غير مباشر. واستطاع النجاح والتفوق في حزبه بدرجة كبيرة.
ولنتذكر أن هذا الحزب وراء قرارات الحروب الشرق أوسطية السابقة (أفغانستان، إيران، العراق).
وعندما رأى المنافس الآخر (هيلاري) ذلك التفوق، أدلت بدلوها؛ وأخذت تكيل الاتهامات تلو الأخرى تجاه المسلمين عموماً، أملاً في الارتقاء الانتخابي، علما بأن هذا الحزب وراء ثورات الربيع العربي وإجهاضها، وقائد مسيرة خارطتنا الجديدة!
واختارت منافسة مونيكا الهجوم على السعودية وقطر والكويت، لرفع أسهمها (أو اقتصادها)، والغريب أن جميعها فيها قواعد أمريكية، إما ثابتة أو متحركة!! وهذا ما يزيد الاتهام سذاجة.
وفي كل الحملات الهجومية لا يوجد عندهم سوى تهمتين: دعم الإرهاب، وحقوق الإنسان، وكلتاهما تم دحضهما رسمياً، والتصريح بذلك عدة مرات من عدة رؤساء ووزراء خارجية أمريكان من قبل، لكن الشعوب لا تتذكر.
ورغم تزايد صفقات الأسلحة الخليجية مع أمريكا، إضافة إلى الاستثمار الهائل والضخ المالي الضخم فيها، والتي يبتسم حينها الرؤساء والوزراء حتى تظهر نواجذهم، إلا أنهم ما زالوا يستخدمون نظام الابتزاز السياسي مع دول الخليج، فتجد تناقضات صريحة وغريبة في التصريحات الرسمية، ما بين مؤيد ومعارض لسياسة الخليج، وما بين نافي ومؤكد للتطرف ودعم الإرهاب، وما بين معتمد ورافض لتطبيق حقوق الانسان، وكأنك تعيش معهم توزيع الأدوار، حتى يبقى الضخ مستمراً!
وللأسف يرتفع الابتزاز للتهديد الأمني، كما تم فعليا في العراق وسورية ودول أخرى، وكما حصل في البحرين والقطيف واليمن، بنظام “جاك الذئب”.
ويتم استخدام إيران في هذه المرحلة لهذا الغرض، وإيران تعي ذلك تماماً، فهي لا تقدم على خطوة إلا بعد دراستها، حتى لا تقع في الحفرة كما صار مع صدام!
ورغم الولاء السياسي التام لأمريكا، إلا أنهم لا يتعاملون معنا بنفس الاتجاه، فالتهديدات مستمرة، والاتهامات متوالية، وهذا هو الغريب في السياسة الأمريكية.
وأقولها صريحة: لا أمان لأحد بعد احتلال الكويت، ولكن.. ما الحل؟!
أعلم أن اللوبي الصهيوني والاستخبارات العالمية وراء ما يجري، ولكنهم ألا يخافون أن ينقلب السحر على الساحر؟ ألا يتوقعون يوما أن يرفع اليهود أيديهم عن تلك الأحزاب؟! أليس من الأيسر كسب الولاءات، بدل كسب العداءات، وأن يأخذوا ما يريدون بسلاسة؟!
لقد سعت بلادي الكويت لمحاربة الإرهاب بشتى الطرق، وأنشأت مركزاً للوسطية أشادت به العديد من دول العالم، وعقدت أحد مؤتمراتها في أمريكا، واهتمت الكويت بحقوق الإنسان في كافة المجالات، ونفذت الاتفاقيات الدولية في ذلك كله، فلا مجال للمزايدة، بل أتحدى إن لم يكن الإنسان في الكويت أحفظ كرامة من أمريكا، أما الارهاب؛ فعلينا حساب مستوى الجريمة في كلا البلدين، وتصدير الحروب، بما فيها حروب الطقس، ويكفينا ذكر “غوانتانامو” للتدليل على الإرهاب وحقوق الإنسان المنتهكة!!
والسؤال الذي يتكرر.. لمصلحة من تتهم أمريكا دول الخليج بالإرهاب؟! الجواب ببساطة “الانتخابات”، والنتيجة بتعقيد مشاكل سياسية واقتصادية وعدم استقرار. فهلا أوقفتم هذا الأسلوب العقيم.
أسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء، وأن يهدي قادة الغرب لكل خير.
نقلا عن :ایلاف