مرت سنوات طوال وتنظيم «القاعدة» يتخذ من حضرموت اليمن ملجأ له، يدير منها عملياته، ويحشد فيها أتباعه ويدربهم ويسلحهم، وتنطلق من هناك هجمات إرهابية لكل أرجاء العالم، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية. كتبتُ في هذه المساحة في 18 أبريل الماضي: «ومن هنا فإن إحدى أهم المهام التي ستقع على عاتق التحالف العربي ودول الخليج في مقدمتها هو مواجهة هذه التنظيمات الإرهابية الصريحة وضربها في مواقع انتشارها» وهو ما حدث بالفعل، فقد قامت قوات التحالف العربي وقوات الشرعية في اليمن بضربة قاصمة لتنظيم «القاعدة في اليمن»، وذلك في 25 أبريل الماضي، وقد كبدت «القاعدة» خسائر فاقت 800 قتيل من العناصر الإرهابية.
لم يكن منطقياً بأي حالٍ من الأحوال أن يستمر تنظيم «القاعدة» في السيطرة على مناطق بكاملها في جنوب اليمن، ولم يكن لـ«عاصفة الحزم» أن تُكمل مهمتها، ولا أن تستعيد استقرار اليمن إلا بالقضاء على تنظيم «القاعدة»، ولئن كانت المهمة قد بدأت، فإنها تحتاج أن تأخذ وقتها اللازم للقضاء على فلول «القاعدة» التي بدأ تنظيم «داعش» يزاحمها على إرهاب المواطن اليمني المغلوب على أمره.
تنظيم «القاعدة» تنظيم إرهابي مجرم، سواء كان في اليمن أم في المغرب العربي أم في سوريا أم في أي مكان وجد فيه، و«القاعدة في المغرب العربي» و«جبهة النصرة» في سوريا تنظيمان إرهابيان مجرمان، و«القاعدة» لا تختلف عن «داعش» إلا في الدرجة لا في النوع، فالمبادئ واحدةٌ والأفكار شبه متطابقة. ومن أراد البحث في تفاصيل الاختلافات لغرض علمي يوضح المشهد فهو عمل جيد، ولكن حين يطرح البعض تجريم تنظيم «داعش» ويدافع عن تنظيم القاعدة فهو شريك في الجريمة، ويقوم بهذا الدور المشبوه بعض «إخوان الخليج» والمنتسبين للإسلام السياسي في دول الخليج العربي.
في عملٍ بطوليٍ يستحق الإشادة كانت القوات الخاصة السعودية والإماراتية على موعدٍ مع المجد في القضاء على تنظيم ”القاعدة” الإرهابي في المكلا، وبعمليةٍ محترفةٍ وبتكامل مع قوات الشرعية في اليمن، إنها ليست عمليةً عسكريةً فحسب، بل هي تقدم نموذجاً في كيفية القضاء على تنظيمات الإرهاب المجرمة، وهذا النموذج يمكن أن يكون ملهماً في سوريا والعراق، بدلاً من محاولات غير جادة ومشاريع غير مكتملة تعمل هناك بغطاء دولي ولكنها لم تنتج شيئاً ذا بالٍ أو أثرٍ حقيقي. قال العميد الركن مسلم الراشدي، قائد القوات الإماراتية في حضرموت، الذي يقود عمليات تحرير المكلا: «عملية تحرير المكلا أثبتت أن القاعدة ضعيفة وهشة»، وهذا صحيح، فتنظيمات الإرهاب ضعيفة، حين تتم مواجهتها بالطريقة الصحيحة.
خطير جداً ما كشف عنه وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش قبل بضعة أيام على حسابه في «تويتر» حين كتب: «انكشفت انتهازية الإخوان في حرب اليمن، لم يتورعوا في التعاون والتنسيق مع القاعدة والإرهاب، موقف تكرر في العديد من الساحات العربية الأخرى»، وأضاف (الأدلة التي وجدناها في اليمن حول التنسيق بين “الإخوان” و”القاعدة” دامغة، لعله إرث سيد قطب التكفيري من جهةٍ وتاريخ من الانتهازية السياسية الموثقة).
العلاقات القوية التي تربط جماعة «الإخوان المسلمين» بتنظيم «القاعدة» واضحة ومعروفة، والعلاقات القوية التي تربط جماعة «الإخوان» بإيران واضحة ومعروفة كذلك، وإيران تتخذ فروع جماعة «الإخوان» مطايا في أكثر من بلدٍ، وعلاقاتها بتنظيم القاعدة التي باتت واضحة ومعروفة تصب في ذات الاتجاه. أخيراً، إيران والإخوان والقاعدة ثالوث الإرهاب في المنطقة والعالم، هذا ما تقوله معلومات التاريخ وأحداث الواقع.
* نقلا عن العربیه