لم تكن هناك مصارف في الإمارات العربية المتحدة قبل عام 1946، لعدم وجود مبرر لها. ذلك أن أغلب سكانها كانوا فقراء لا يملكون مالا وفيرا لإيداعها في المصارف. أما الأثرياء من فئة التجار فقد اعتادوا على الاحتفاظ بأموالهم ـ طبقا للوثائق والسجلات الإماراتية الخاصة بحقبة الخمسينات والستينات ـ في منازلهم داخل حفر كانوا يحفرونها في الأرض، أو داخل أكياس من الخيش كانوا يخصصون لها غرفة محكمة الإغلاق. والبعض القليل من هؤلاء كان يحتفظ بأمواله داخل صناديق «التجوري» الحديدية الضخمة المقاومة للحرائق من تلك التي كانت تستورد من الهند بحرا.
غير أنه سرعان ما برزت عوامل مستجدة كثيرة بررت تأسيس العمل المصرفي المنظم في الإمارات، بغية إيجاد كيانات مؤسسية موثوق بها تقوم بالتحويلات المالية للمواطنين العاملين في الخارج، وللأجانب العاملين داخل الإمارات. من هذه العوامل اكتشاف النفط في البحرين والكويت والسعودية وحاجة هذه الأقطار الى الايدي العاملة في منشآت النفط أو الخدمات الموازية، وهو ما دفع الكثيرين من أبناء «مشيخات الساحل المتصالح» وعمان إلى النزوح إلى الأقطار الخليجية لتحسين دخولهم، وتحويل الفائض عن حاجتهم إلى ذويهم في وطنهم الأم. ومن ناحية ثانية ازداد عدد الأجانب من الهنود والانجليز المقيمين في «مشيخات الساحل» بدءا من منتصف الاربعينات من القرن الماضي بسب عمليات التنقيب عن النفط، من بعد أن كانت أعدادهم قليلة في مطلع القرن العشرين، طبقا لدراسة كتبتها فاطمة الصايغ بعنوان «الوكيل الوطني ودوره في صنع القرار البريطاني في الساحل المتصالح» ونشرتها لها مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية في عددها 69 لعام 1993. ومن ناحية ثالثة ساهمت امتيازات النفط الممنوحة للشركات البريطانية في زيادة النقد المتداول والتحويلات المصرفية. حيث إن معظم تلك الاتفاقيات نصت على وجود جهة مصرفية تتولى الجانب المالي للامتيازات، بل حصرت تلك الجهات في مصارف بريطانية دون مصارف تابعة لدول منافسة. فمثلا نص امتياز التنقيب عن النفط في دبي لعام 1937 على تحديد المصرف الشرقي في البحرين كجهة تدفع شركة النفط من خلالها جميع المستحقات المالية للإمارة وحاكمها.
تقول الباحثة الإماراتية عائشة سعيد القايدي في (ص 39) من كتابها الموسوم بـ «الخدمات المصرفية في إمارات الساحل المتصالح» الصادر عن مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية في عام 2012 أن كل العوامل السابقة اختمرت فاثمرت فكرة ضرورة فتح فرع للمصرف الإمبراطوري الايراني البريطاني في إمارة دبي، علما بأنه تم تغيير اسم هذا المصرف في عام 1949 إلى المصرف البريطاني لإيران والشرق الأوسط، ثم تمّ تغيير اسمه مرة أخرى في عام 1951 إلى البنك البريطاني للشرق الأوسط، وهو نفس المصرف الذي يطلق عليه في السعودية البنك السعودي البريطاني وفي دول الخليج الأخرى مجموعة هونغ كونغ وشنغهاي المصرفية HSBC. وتضيف الباحثة في هذا السياق معلومات ثرية منها: أن وزير الدولة البريطاني لشئون الهند أرسل رسالة الى المقيم السياسي في بوشهر ذكر فيها أن المصرف الامبراطوري الايراني يطلب الموافقة على فتح فروع له في دبي ومسقط، موضحا أن مندوبين عن البنك المذكور على استعداد للتباحث مع حكومتي دبي ومسقط حالما تأتي الموافقة. وقد رد المقيم السياسي في بوشهر بالموافقة، رغبة منه في قطع الطريق على فكرة تأسيس مصرف «الهند والخليج» في دبي والتي كان يجري التفاوض حولها آنذاك، وأملا في أنْ تحقق فروع المصرف الإمبراطوري المقترح افتتاحها في دبي ومسقط نجاحات مشابهة لما حققته في الكويت بعيد افتتاحها هناك في عام 1942.
وجملة القول أنّ فرعا للمصرف المذكور افتتح في دبي في عام 1946 في مبنى مؤقت بجوار الخور ريثما يتم الانتهاء من تشييد مبنى خاص على أرض تابعة للحاكم كان موقعها بالقرب من مركز انطلاق العبارات في الخور، غير أن الحدث استغرق وقتا طويلا من المناقشات والمفاوضات خصوصا حول المادة 11 القاضية باحتكار المصرف الامبراطوري لجميع الأعمال المصرفية دون منافس لمدة ربع قرن. حيث كان من رأي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم (كان وقتها وليا للعهد) أن تلك المدة طويلة ويجب أنْ تختصر إلى 15 عاما، ناهيك عن استشهاده بحالة البحرين التي كانت تحتضن فرعا للمصرف الإمبراطوري إلى جانب فروع مصارف أخرى. وفي نهاية المطاف تم التوصل إلى حل وسط وهو تخفيض مدة الاحتكار إلى 20 عاما. هذه الاتفاقية شجعتْ حكام إمارات الشارقة وابوظبي ورأس الخيمة على الاقتداء بدبي لجهة فتح إماراتهم أمام فروع المصرف الإمبراطوري فتم افتتاح فرع الشارقة في عام 1951، وفرع أبوظبي في عام 1953 وفرع رأس الخيمة في عام 1956.
ما سبق لم يكن سوى توطئة للحديث عن أول مصرفي إماراتي، وهو سعادة عيسى صالح القرق الذي كرّمه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في عام 2014 ضمن «أوائل الإمارات» بالتزامن مع إحتفال دولة الامارات العربية المتحدة بذكرى تأسيسها الثالث والاربعين. فما هي حكاية هذا الرجل ومساهماته الوطنية؟
ولد القرق (بكسر القاف مع لفظها كالجيم المصرية، وتسكين الراء) في دبي في أواخر العقد الثاني من القرن العشرين، ابنا لعائلة سنية المذهب من أعراب بلاد فارس ممن نزحوا إلى دبي في حدود العام 1850 من ميناء العرب الأشهر على الضفة الفارسية للخليج، وهو ميناء لنجة التي كانت مع المناطق المجاورة لها تحت حكم شيوخ القواسم العرب حتى نهايات القرن التاسع عشر. وقد وجدت ضمن أعلام لنجة الذين تحدث عنهم «حسين بن علي الوحيدي» في (ص 64) من كتابه الموسوم بـ «تاريخ لنجة، حاضرة العرب على الساحل الشرقي للخليج»، اسم «محمد بن عيسى القرق» الذي يبدو أنه من أجداد عيسى صالح القرق، فوصفه المؤلف قائلا إنه «أديب فاضل من مواليد لنجة وبها نشأته، وكان يتعاطى الأدب ويتداول التاريخ، مع ثقافة متنوعة، وله خط جميل مهر فيه أيما مهارة، وتوفي مسموما عام 1343 للهجرة». وفي (ص76) عاد الوحيدي للحديث عن «آل قرق» فقال إنهم: «عرب أماجد، أصحاب تجارة حرة ويسار، ولهم خيرات ومبرات، وبنوا مسجدا قرب بيوتهم وبرك ماء وغير ذلك».
تميز القرق منذ نعمومة أظفاره بحب التحدي وخوض غمار التجارب واكتساب المعارف والخبرات المتنوعة. وفي سبيل ذلك إلتحق أولا بمدرسة الفلاح في بر دبي التي كان قد افتتحها هناك الوجيه الحجازي وتاجر اللؤلؤ المعروف ورجل البر والإحسان الشيخ محمد علي زينل في عام 1927، لكنه سرعان ما اكتشف أن اللغات الأجنبية، ولاسيما الإنجليزية، هي مفتاح النجاح وكلمة السر لتحقيق التميز، فقرر في عام 1939، والحرب العالمية الثانية على الأبواب، أن يتقن الانجليزية من خلال الدراسة في مدرسة العيادة الطبية، وهي مدرسة ألحقتْ بعيادة طبية مثلما كان الحال في المنامة حينما تأسست مدرسة ملحقة بمستشفى الإرسالية الأمريكية في أواخر القرن الثامن عشر.
في تلك المدرسة راح الطالب عيسى القرق يجتهد ويقاتل من أجل إثبات الذات والتمكن من اللغة الانجليزية والالمام التام بها قراءة وكتابة ومحادثة، الأمر الذي استرعى انتباه معلميه فرشحوه للعمل في أول مكتب للبريد في دبي (أفتتح في أغسطس 1909 تحت إدارة البريد الهندي). ولأنه أثبت كفاءة نادرة في ذلك الزمن فقد تم نقله للعمل في «مكتب بريد البحرين» الذي كان يمثل وقتذاك المقر الرئيسي للبريد البريطاني بمنطقة الخليج العربي، وكان العمل به مطمح كل شاب. وبما أنّ البحرين كانت في تلك الحقبة أكثر تفوقا وتمدنا من سائر جاراتها الخليجيات في الكثير من المناحي والمجالات ومظاهر الحياة، فإن القرق انتهز فرصة تواجده للعمل بالبحرين في اكتساب المزيد من المعارف والتجارب، وتوسعة دائرة معارفه وأصدقائه.
أما المنعطف الأبرز في رحلة القرق المهنية فقد كان إلتحاقه كموظف بفرع البنك الإمبراطوري في دبي بمجرد افتتاحه في عام 1946 وهو ما جعله يدخل التاريخ كأول مصرفي إماراتي. ومن وظيفته تلك التي لم يسبقه إليها أحد من أقرانه، ارتقى سريعا السلم الوظيفي، مستنفرا كل طاقاته ومواهبه وتجاربه وعلومه، ولاسيما لغته الإنجليزية السليمة.
تحدث القرق عن تلك الأيام الخوالي لجهة راتبه وساعات دوامه في البنك المذكور فقال طبقا لما أوردته عائشة سعيد القايدي (مصدر سابق، ص 46): «إن العمل في المصرف كان يبدأ من الساعة السابعة والنصف صباحا وينتهي في الثالثة ظهرا. وكانت رواتب الموظفين 220 روبية شهريا. ويتقاضى من يعملون في الأعمال البسيطة مثل الحراسة راتبا قدره 4 روبيات شهريا».
حينما جاء عام 1960، الذي بدأت فيه دبي خطواتها الأولى نحو التنمية والتحديث بقيادة حاكمها الألمعي ذي النظرة الثاقبة، والرؤى البعيدة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، كان القرق قد تراكمت لديه الخبرات المصرفية والمالية اللازمة لاقتحام ميدان «البزنس»، فأسس في ذلك العام «مؤسسة عيسى صالح القرق» التي كان أول نشاط لها هو نجاحها في الاستحواذ على وكالة شركة «كرونديغ Grundig» الألمانية التي تأسست في نوريمبيرغ في عام 1945 على يد «ماكس غرونديغ» من أجل تصنيع الأجهزة الكهربائية كأجهزة المذياع والتلفزيون والتسجيل ذات الجودة العالية. بعد ذلك بوقت قصير اتصلت شركة التبغ البريطانية الأمريكية بالقرق طالبة منه أن يكون وكيلا حصريا لها.
تلك المؤسسة التجارية الصغيرة كبرت ونمت مثلما تنمو كل الكائنات والكيانات، وذلك تحت رعاية مؤسسها وابنائه وأحفاده حتى غدت اليوم واحدة من كبريات المجموعات التجارية العائلية الناشطة في إمارة دبي، وأكثرها نجاحا. فمجموعة عيسى صالح القرق ذات المسئولية المحدودة تضم اليوم 24 شركة عاملة في قطاعات الصناعات التحويلية، والبيع بالتجزئة، وتوزيع المواد الاستهلاكية، والنقل، والأثاث، والكهرباء، والكيماويات، والعقارات، وتصميم المباني وإنشائها. وتملك أكثر من 370 وكالة تجارية، وتتولى التعامل مع علامات تجارية كبرى مثل: يونيلفر، سيمنز، دنلوب، 3 إم، بنيتون وغيرها كثير. وتوظف نحو 3500 فرد. ومما يميز مجموعة القرق أنها «تتبـّع سياسة متحفظة وكتومة بشأن نموها وتدويلها، وهي تضم شركات معروفة في دبي بالتزامها واهتمامها بفعاليات المجتمع المحلي، من خلال توفير دروس يوغا مجانية لموظفيها وتنظيم عمليات تنظيف سنوية للشواطئ والتركيز على المشاركة الفعّالة والبناءة لأفراد المجتمع لخلق فرص للأفراد والمؤسسات تساهم في تحقيق النمو والازدهار على كافة المستويات».
وإذا كان الفضل الأكبر في ما وصلت إليه المجموعة من نجاحات يعود إلى مؤسسها وإلى تجاربه الغنية ورؤيته المستقبلية السديدة، فإن جزءا من الفضل يعود إلى كل من ابنته سيدة الأعمال الدكتورة رجاء عيسى القرق التي تولت منصب المدير التنفيذي للمجموعة، واختارتها مجلة فوربس العالمية في عام 2014 ضمن أكثر النساء نفوذا وتأثيرا في العالم، وإلى حفيده عبدالله القرق الذي تولى منصب المدير العام للمجموعة بطلب من جده بوصفه الشخص التالي في إدارة المجموعة بعد والدته رجاء التي كانت تشغل منصب المدير العام، بالإضافة إلى خالتيه مريم ومنى عيسى القرن اللتين تشغلان وظائف إدارية داخل المجموعة.
والملاحظ هنا أن عيسى القرق حرص، قبل أن يدمج أبناءه وأحفاده في أعماله التجارية، على أن يحصلوا على مؤهلات علمية رفيعة، بل حرص أيضا أن يكسبوا بعض المهارات والخبرات بعيدا عن مجموعته. وآية ذلك أن ابنته رجاء المتخرجة من جامعة الكويت في آداب اللغة الإنجليزية في عام 1977، بدأت حياتها المهنية مديرة لمدرسة زعبيل الثانوية للبنات في دبي، ولم تنضم إلى أعمال والدها إلا في عام 1989 كعضو مجلس إدارة. أما الحفيد عبدالله ــ فطبقا لجريدة الرؤية الإماراتية (25/12/2013) ــ فقد تخرج من جامعة الشارقة الأمريكية حاملا درجة البكالوريوس في التسويق والإدارة، ثم نال شهادة الماجستير في المفاهيم الإدارية من جامعة ريجيس في دينفر بولاية كلورادو الأمريكية، كما حصل على شهادة في مجال التعليم التنفيذي ضمن تخصص «تطوير القيادة» من كلية كولومبيا للأعمال، وشهادة أخرى في التعليم التنفيذي ضمن تخصص «المفاوضات وصنع القرار» من كلية الأعمال بجامعة هارفارد العريق. غير أن كل هذا لم يشفع له لدى جده لتولى منصب في مجموعته، حيث كان عليه أن يراكم بعض الخبرات العملية أولا.
وهكذا لم ينضم عبدالله إلى مجموعة جده إلا في نوفمبر 2009، وهو في سن الثلاثين، أي من بعد أن تولى إدارة كافة الجوانب التشغيلية والتجارية والاستراتيجية لمشروع «تايغر وودز دبي»، إضافة إلى الإشراف على تطوير مجمع الغولف السكني الخاص التابع له، بما في ذلك نادي الرويّة، وهو أول ملعب للغولف في العالم يصممه بطل الغولف الشهير تايغر وودز. كما تولى الحفيد عبدالله القرق منصب مدير تطوير الفروع لدى منظمة القيادات العربية الشابة، فكان مسؤولًا عن تأسيس 11 فرعًا عربيًا تابعًا للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إلى ذلك لعب دورًا رئيسًا في شركة «تطوير» عبر توليه إدارة وحدة رقابة الرئيس التنفيذي ما بين يناير وديسمبر من عام 2006. وفي أغسطس 2007 تم تعيينه عضوًا في مجلس إدارة «مدينة دبي لاند» الترفيهية.
إن بروز موظف البريد والبنك السابق كوجه لامع في دنيا المال والأعمال في دولة الإمارات أهـّله ليعود من جديد إلى القطاع المصرفي الذي بدأ منه مسيرته، لكن بتسميات ومناصب مختلفة. فقد تبوأ منصب رئيس مجلس إدارة بنك الفجيرة الوطني (مصرف تأسس في يونيو 1969 عن طريق اتفاق بين حاكم الامارة الشيخ محمد الشرقي ورجل الأعمال السريلانكي تانجا راجان من بعد اعتراضات وعراقيل من قبل الوكيل السياسي البريطاني في دبي وبنك انجلترا المركزي وزارة الخزانة البريطانية)، كما شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات دبي الوطني في عام 1983، وصار عضوا في مجلس إدارة بنك إنفستكورب الذي يتخذ من البحرين قاعدة له، علما بأن هذا البنك يخدم، منذ تأسيسه في عام 1982، الأثرياء من الشخصيات والهيئات في دول الخليج الست عبر تقديم منتجات استثمارية بديلة لهم.
أما حكاية القرق مع العمل الدبلوماسي فقد بدأ في عام 1991 حينما اختاره المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات ليمثل بلاده كسفير مقيم في لندن وسفير غير مقيم في دبلن. وقد كان هذا الاختيار صائبا لعدة أسباب، لعل أهمها معرفة القرق لطرق التعامل مع الإنجليز، بفضل اختلاطه بهم وعمله معهم في دبي والبحرين في سنوات شبابه، ناهيك عن إجادته التامة للغة التخاطب السليمة معهم. لذا لم يكن غريبا أن تتعزز العلاقات الإماراتية ـ البريطانية بصورة لافته في السنوات التي تولى خلالها القرق تمثيل بلاده في بلاط السانت جيمس، بدليل أن الملكة إليزابيث الثانية كافأته في عام 2008 بمنحه وسام «فارس الإمبراطورية البريطانية»، تماما مثلما كرمه الشيخ زايد بمنحه «وسام زايد» في عام 1977 نظير مساهماته التنموية والاقتصادية المشهودة.
وبالمثل لم يكن غريبا قرار الإمارات الإبقاء على القرق في لندن لفترة طويلة أهـّـلته لأن يكون عميدا للسلك الدبلوماسي في لندن. والجدير بالذكر أن عمل القرق في لندن تزامن مع عمل مجموعة من أفضل السفراء الخليجيين في العاصمة البريطانية وأكثرهم ثقافة وخبرة من أمثال سفير المملكة العربية السعودية الألمعي الراحل الدكتور غازي القصيبي، والسفير العماني الأنيق الأستاذ حسين بن عبداللطيف، والسفير الكويتي الخلوق خالد عبدالعزيز الدويسان.
ونمضي مع القرق لنتعرف على جوانب أخرى من سيرته. فالرجل صاحب مشاريع خيرية كثيرة، ولما تعددت وتوسعت فكر في إنشاء مؤسسة تعني بشئونها فصدر المرسوم رقم 21 لسنة 2010 من قبل حاكم دبي بتأسيس «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية» برأسمال ممول بالكامل من الحساب الشخصي للقرق، بالإضافة إلى مجموعة من العقارات كي تخدم أغراض المشاريع الخيرية.
ومن جهة أخرى يعتبر القرق أحد أبناء دبي الذين ساهموا بالمال في أول مشروع ثقافي في الإمارات السبع لخدمة المثقفين وهواة القراءة، ونعني بذاك مشروع مكتبة دبي العامة الذي افتتحت أبوابها في عام 1963 بعد أنْ تكفلتْ حكومة دبي بنصيب وافر من تكلفة الإنشاء وشراء الكتب والمستلزمات الأخرى، فيما تكفل تجار دبي وشخصياتها بباقي التكاليف.