مشكلتهم الكبرى انهم لم يغادروا مربع 2011، وكأن الخمس سنوات ونيف لم تمر عليهم بسلسلة متغيراتها وتحولاتها في المشهد المحلي والاقليمي وحتى العالمي العام.
ذهبوا الى كيري بمنطق 2011 وواجههم المسؤول الامريكي بمنطق 2016.. قال لهم كلاما صدمهم لأنهم لم يخرجوا من قفص ما قبل خمس سنوات وهي بمقياس متغيراتها خمسة عقود.
لذا خرجوا من اللقاء مصدومين حيارى، سمعوا منه ولم يسمع منهم كيري اسطوانة مل سماعها، وبلعوا على مضض ما قال لهم فتلعثمت الكلمات فوق شفاههم واختاروا الصمت فلم يصرحوا ولن يعلنوا تفاصيل اللقاء وكأن شيئا لم يكن واللقاء لم يحدث.. ولم ينجح اسلوب النعامة.
وخرج الكلام والتعليقات من المحسوبين عليهم، وما كاد احد «ربعهم» يسرب شيئا عن تفاصيل ما قال لهم كيري حتى انهالت وانثالت عليه سهامهم من كل صوب وحدب.
وكأنهم وجدوها فرصة للتنفيس عن مخزون خيبتهم فيما واجههم به كيري «ففشوا» غضبهم في «رفيجهم» وهو الذي ظن «وبعض الظن اثم» انهم لن ينالوا منه بوصفه صقرا من صقور معارضة لندن، لكنهم رجموه وجلدوه واتهموه ولم يتردد بعضهم حتى من السخرية منه والغمز واللمز من قناته حتى استغاث فلم يغيثوه.
وتفاجأ كما قال بقيادات وفاقية تهاجمه وترجمه فظن ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، فكتب تغريدة تقول «لوكان وزير الاعلام وفاقيا لزج بي في السجن».
لتكميم الافواه وقمع حرية التعبير التي مارسوها ضده وناصره احد الهاربين الى لندن الشيرازيين وأخذ عليهم مصادرة الرأي وهم الذين يهاجمون وينتقدون «الحكومة» على ذلك كما قال فاذا بهم اسوأ منها حسب تعبيره، واختلط حابل الهجوم بنابل الهجوم المضاد ليكشف المستور عن صراع خفي غير معلن بين اطراف عديدة منهم سواء في الداخل او هناك في الخارج.
وهو صراع كنا نستشعره عن بعد ونلاحظ ملامحه التي ظهرت بين الغبار الذي خلفه سقوط مشروع انقلابهم وحتى قناة العالم الايرانية كانت طرفا في الصراع فهي تنتقدهم وتغمز من قناة تراجعهم وخفوت حراكهم وكأنها تنعى عليهم ذلك، وقالت لهم المذيعة «جيهان عبدالنبي بدران» المذيعة المتفرغة للهجوم على بلادنا انكم لا تملكون سوى كلاما في كلام.
لقاء كيري كان القشة التي كشفت عن صراع خفي وخلافات حاولوا التكتم عليها حتى لا تتسرب، لكنها تسربت مع صمتهم عن ما دار في لقائهم مع كيري فقال آخرون منهم «لقد اسمعكم كلاما سم بدنكم»..!!
الاشكالية ان المتصارعين جميعا قد راهنوا بورقهم كله على الأجنبي وعلى ادارة اوباما تحديدا وتخصيصا، يعني كما يقول اخواننا المصريون «ما فيش حد احسن من حد» من ذهب لكيري ومن انتقد الذهاب، كلهم راهنوا ايام 2011 على الاجنبي وعلى الادارة الامريكية الحالية التي تلملم أوراقها الأخيرة الآن.
الرهان على الاجنبي هو عنوان العناوين في ازمتهم الكبرى التي يمرون بأسوأ حالاتها الآن في عناد اوقعهم في مأزق كبير ولم يتعلموا ان العناد هو مقتل السياسي او أي فصيل سياسي كائنا ما كان، فالعناد أسلوب قد يصلح لقيادة فريق كروي في الفريج لكنه قطعا لا يصلح لقيادة حزب او تنظيم او جمعية او تيار سياسي.
العناد في السياسة ثقافة متخلفة من بقايا ثقافة «الزعران» التي يفترض انها انقرضت ولا مكان لها في السياسة، وكيري قال كلاما سيقوله لهم اي مراقب سياسي آخر، ولم يفهموا أبدا ان كيري هذه المرة لم يكن وسيطا ولم يلتق بهم بهذه الصفة التي لامكان لها في المشهد البحريني الحالي، فلسنا الآن في مشهد 2011 الذي لم يغادروه ولم يخرجوا من قفصه.