إحدى ركائز التوجه الجديد للاقتصاد السعودي هو تنويع الاقتصاد غير النفطي وتوسيع مصادر الدخل وفقا للموارد المتاحة. وهذا التوجه ليس جديدا فقد كانت الخطط الاقتصادية والتنموية السابقة تشير دائما إلى رغبة الدولة “في التحرر” من قيود الدخل النفطي، ولم يحدث تغيير يذكر عبر السنوات الماضية.
بشكل سريع يمكن اعتبار معظم الثروات غير النفطية “التي تدخل في العملية الإنتاجية أو التصديرية” تتمثل في مخزون معتدل من المعادن الطبيعية مثل الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها من المعادن. أيضا لدى المملكة قطاع زراعي صغير نسبيا محصور في مناطق معينة مرتبطة بالمناخ والتربة اللازمة مثل أبها والطائف ومناطق شمال المملكة، وتعد المملكة أحد أكبر منتجي التمور عالميا.
إضافة، فقطاع السياحة الدينية متمثلا في الحج والعمرة للعالم الإسلامي يشكل أحد أهم القطاعات غير النفطية بمتوسط مليوني حاج سنويا، إضافة إلى ملايين المعتمرين على مدار العام وفي هذا القطاع وحده يتم إيجاد وظائف مستديمة ووظائف موسمية مدخولها تجاوز 8.5 مليار دولار في عام 2014 وهو في نمو مطرد بفضل تحسن خدمات القطاع والأجهزة الأمنية والإدارة اللوجستية.
بالنسبة للقطاع الخاص فتهيمن عليه مجموعة من الشركات الضخمة في مجال الإنشاء والتعمير التي تعتمد بشكل رئيس على العقود الحكومية ومشاريع الدولة. وفي الفترة من 2003 إلى 2013 تمت خصخصة عدة خدمات حكومية مثل المياه والكهرباء وقطاع الاتصالات، إضافة إلى الخصخصة الجزئية لقطاعات الصحة والتعليم والإدارة المرورية.
إضافة إلى بعض الأنشطة الاقتصادية مثل قطاع التجزئة والدعاية والتأمين وغيرها فلا تزال هناك فرص قوية لتحقيق هدفين رئيسين في الاقتصاد السعودي:
1. توسيع القطاع غير النفطي.
2. تقليل البطالة المحلية.
وتتمثل الفرص في عدة أمور من الضروري أن تسير بخطى واثقة ومتزامنة وبتنسيق هندسي محكم بين الإدارات المعنية.
والفرص نوعان: استحداث قطاعات جديدة أو تطوير قطاعات موجودة بشكل غير مسبوق.
والآخر هو تحسين أداء القطاعات الحالية بشكل تنافسي، حيث يستقطب الاستثمارات والجماهير الخارجية على حد سواء.
مثال على النوع الأول هو النهوض بقطاع السياحة التقليدية حيث تمتلك المملكة مناطق وآثارا جاذبة جدا للسياح والعلماء والباحثين من شتى أقطاب الأرض. ويتطلب النهوض بالقطاع تضافر عديد من الجهات مثل الخارجية لتسهيل إجراءات التأشيرات وهنا يمكن عقد اتفاقيات مع دول محددة والنظر في منح تأشيرات سياحية لكل زائر لا يشكل تهديدا للأمن الداخلي. أيضا يتطلب التنشيط تحسين جودة الفندقة “بمختلف مستوياتها” وفي المناطق السياحية تحديدا بحيث يجد السائح جميع احتياجاته من مقر إقامة ومطاعم ومواصلات وخدمات مصرفية وغيرها. ويحتاج القطاع إلى خدمات التواصل فيمكن التعاقد مع خريجي أقسام اللغات والترجمة في الجامعات وتصميم برامج سياحية بلغات مختلفة لعدة فئات من السياح سواء الزائرون أو العلماء أو غيرهم. كذلك من المهم إقامة المنتجعات الفاخرة التي تتميز بخدمات راقية مثل ملاعب الجولف والمتاحف ونقاط بيع الهدايا التراثية وغيرها.
كل هذا يتطلب طاقات بشرية واستثمارات، لكن الأهم تضافر الجهات المعنية، ولا مكان للأخطاء الكبيرة والصغيرة التي تشوه سمعة المكان مثل انعدام شبكات النت أو تخريب واتساخ المرافق العامة أو مضايقة السياح.
خلاصة الحديث إننا مقبلون على مرحلة اقتصادية جديدة تتطلب روحا قيادية منفتحة متجددة نراها متمثلة في الأمير محمد بن سلمان وفريقه النشط. نسأل الله لهم وللجميع التوفيق والسداد. وللحديث بقية.
نقلا عن :ایلاف