قبل عدة قرون كان في لبنان حزب يسمى بـ«الحشاشين»؛ يقطعون الطرق على الناس، ويؤذون الأبرياء وكل عابر سبيل أو مقيم يعيش في تلك البقعة التي لم تحدها أي حدود سياسية، وفقاً لنظم ذلك الوقت من عصر الحضارة العربية الإسلامية.
ولم تسكت الدولة أو الحكومة أو الخلافة، أو سمها ما شئت، عن استمرار حزب «الحشاشين» في قطعهم للطرق وأخذهم أموال الناس بالباطل، فبعثت جيشاً عرمرماً لاستئصال شأفتهم وإعادة الحق إلى مَن سلب منه، فأمِن لبنان آنذاك من تلك الحالة اللاأمنية الطارئة.
ولقد دارت القرون من حول عنق لبنان المعاصر، حتى التف «حزب الله» حول رقبة اللبنانيين بكل طوائفهم ومقامهم العالي في السياسة والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، قبل أن تشتد عصا «حزب الله» وتلهب ظهر كل لبناني، يريد العيش في بلده كبقية خلق الله الآمنين المكرّمين.
عاث «الحزب»، الذي نسب نفسه زوراً لاسم الجلالة الأعظم، في لبنان شتى أنواع الفساد، فرفع السلاح ضد الإخوة الأشقاء، ومارس القتل والخطف. ليس كل مَن نسب حزبه إلى الله كان مقرباً منه، بل التاريخ يصرخ بالأمثلة الحية على أن معظم هؤلاء أعداء لله، يتبرأ المؤمنون من فعالهم الدنيئة في أرضهم، قبل الاعتداء على أعراض وأراضي الجيران الآمنين إلا من مكر هؤلاء وخبث ظاهرهم وخسة نفوسهم.
بعد سنين من تردد دول الخليج وصبرها الذي قارب حد المرارة، خاصة عندما عجزت عن إقناع الدولة اللبنانية، غير الموجودة أصلاً، باتخاذ إجراء ما ضد «حزب العبث» نصير «حزب البعث» في سوريا التي تئن من ضرباته في مقتل شعبها بيد أفراد لم يراعوا فيهم صلة رحم أو هوية إنسانية مكرمة من رب العباد، فحوَّل عبَّاد «الحزب» هذا الخيط إلى حبال يُشنق بها كل رجل وقف ضد هذا الطغيان الحديث باسم الطائفية الناحرة لكل مشترك بين بني البشر.
دول الخليج أدركت اليوم أن هذا الصبر المر لن يعالج مرض هذا «الحزب» إلا بالكي، فأجمعت أمرها على وضعه في قائمة الإرهاب. وقد أقر ذلك وزراء الداخلية العرب كلهم، إلا لبنان المخطوف على يد «الحزب»، إذ انطلى عليه لفظ المقاومة، ومن ورائه سند من «أسد» سوريا، ودولة العراق التي باتت رهينة لطائفية إيران.. فاجتمعت هذه الثلاثة على دعم إرهاب «حزب الله»، بعد أن قام العالم أجمع قومة رجل واحد لمحاربة الإرهاب بكل أنواعه وأصنافه وتفاصيله، فأبى الأثافي الثلاثة التبرؤ من الجرائم التي يرتكبها هذا «الحزب» والخراب الذي يمارسه بدعم لا محدود ممن يريحهم هذا الانحدار السحيق الذي يكاد يسحق جسد الأمة المنهك، ويقلع بقية الخير من قلبها، وقد أدمته سهام الإرهاب.
بعد أن أوشك التحالف العربي على إحراز النصر الحاسم في «عاصفة الحزم» وإعادة الأمل في اليمن، وقد مني بالفشل «حزب الله» ومن ورائه طهران وكل الأفّاقين، جاء قرار تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية ليضيف إلى رصيد الخليج، وهو قرار تاريخي يمثل نصراً فكرياً وسياسياً بكل المقاييس.
دول الخليج العربية تتحمل حالياً مسؤوليات جسام تجاه أمتها العربية والإسلامية؛ فعبر تحالف دولي وآخر عربي وإسلامي خاص بمحاربة الإرهاب، تعمل مجتمعة على إعادة ساعة الحق إلى توقيتها الصحيح. فـ«حزب الله» أدخل نفسه في خانة «محاربة الله» وكل من يشهد باسمه الأعظم ويحاول التخلص من هذه الآفة التي خرجت من لبنان لتنشر في ديار الآخرين جرثومة الطائفية النتنة. لكن الأمر اليوم خرج عن طوقه وطوق عنق «الحزب»؛ فالتفاف الجميع حول هذا القرار التاريخي يعيد إلى الأمة مكانتها ونضارتها وحيويتها.
وكما تم استئصال «الحشاشين» اللبنانيين قبل قرون، ها هو التاريخ المعاصر يسجل إنجازات نوعية وقرارات مصيرية لصالح الأمة العربية والإسلامية جمعاء.
نقلا عن العربية