قرأت ما كتب عن الزميل تركي الدخيل، وما تعرض له من هجوم ومطالبات بإعفائه من منصبه بسبب بث قناة “العربية” لبرنامج “حكاية حسن”، والذي يتحدث عن الجانب الشخصي لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله. لقد شاهدت البرنامج. ولا أعتقد أنه يستحق هذا الهجوم.
بل سأزيد وأقول بأن البرنامج كان جيدا من الناحية التقنية والفنية وحتى الموضوعية. فهو لم يمجد شخصية نصر الله ولم ينتقدها.
هو يتحدث ببساطة عن حياته وتجربته وعلاقته القوية بإيران. أعرق المؤسسات الإعلامية في العالم تكتب وتعرض وتتحدث عن شخصيات قد لا تكون صديقة لبلادها.
فالمعرفة سلاح قوي. لو كان السيد نصر الله عدوا، كما يراه الأكثرية في العالم العربي، فمن الجيد ان تعرف عدوك. وإن كان صديقا، فأي بأس ان تعرف أكثر عن هذا الصديق؟
الزميل تركي لم يخطئ، بل اجتهد وأتى بشيء مختلف لا يؤثر في وطنيته ولا مهنيته. وحتى بافتراض وقوع الخطأ، فلا يمكن ان تنسى تاريخا عريقا لمجرد برنامج تختلف الآراء حوله. وبعيدا عن قضية البرنامج، فإن الغبار الذي اثارته القضية يكشف مدى عمق الكراهية ليس بين ما هو عربي وإيراني، بل حتى بين ما هو عربي عربي. أكثرنا، لا ينفك يصم إيران ب “المجوسية” “الفارسية” “الحاقدة على العرب”.
وها هي دائرة الكره تتسع لتشمل حتى العرب، من لا هم بمجوس ولا فرس، فقط لأننا نختلف معهم في المذهب. أعتقد ان ولاء شيعة العالم ليس لإيران، بل لأوطانهم أولا. لكن وضع الأقلية الذي يعيشه معظم الشيعة في الأرض، خارج إيران، يجعل من هذه الأخيرة ملاذا أو مصدر قوة لهم.
جلست مع الكثير من شيعة لبنان. ولي اصدقاء منهم. لم أجد بينهم من يدين بالولاء لإيران، بل للبنان أولا، ثم للعروبة ثانيا. وإن سألتهم عن إيران، قالوا إنه المصير المشترك في محيط سني يتعاظم كرهه للشيعة.
إن كنا نريد أن تبقى إيران خصما أبديا فاليكن، لكن لا ينبغى ان يطال العداء المذهب الشيعي نفسه لأن هذا يعني عداءا لبعض أبناء الوطن وتشكيك في ولائهم، وهو ما يهدد الوحدة الوطنية التي ننفق الكثير لضمان قوتها. نحن وإيران نتنازع على الهيمنة ونواجه بعضنا على أراض غيرنا. لتبقى الخصومة مع إيران سياسية، لا دينية أو طائفية، حتى لا تنتقل المعركة الى داخل نفوسنا فلا تغادرها أبدا.