السؤال الذي يراودني منذ أول مسجد فجر في الأحساء قبل أكثر من عام، هو: لماذا يستهدف الدواعش القاعديون «المساجد» دون غيرها من مراكز التجمعات، ما الهدف من إراقة الدماء المعصومة بين يدي الله؟.
لا شك أن الهدف هو دفع الطرف المكلوم والمغدور، لضرب المسجد المقابل، ليصبح الأمر حينها مسجدا بمسجد، وطفلا بطفل، وتفجيرا بتفجير، حتى نمسي سوريا وعراقا آخر.
بعد هذا، أين تقف الفتنة إثر تفجير الأحساء بالأمس.. بلا أي تردد هي تقف خلف الباب الأخير، الوطن المفضي إلى المجهول لا سمح الله، صحيح أن تلك الفتنة البغيضة لاتزال تبحث عن «كوة» صغيرة تدخل منها إلى وسط «الدار»، إلا أن كل حادث يقربها أكثر من مبتغاها للأسف.
هاهم المحرضون يرسلون «الشباب» لمحاولة فتح الباب على مصراعيه، بالتأكيد لايزال باب «الوحدة الوطنية» صامدا في وجوههم، لأنه قوي الصنع، ولأن خامته وطنية بامتياز، لكن الخوف أن ينجحوا يوما ما.
فقط التجارب تقول لكل حصيف: «إن السوريين والعراقيين واللبنانيين لم يصمدوا طويلا، إذن الحل الناجع لصد الإرهاب قبل أن يصل للباب هو إقرار قانون وطني يمنع التحريض والكراهية، ويجرم الطائفية والعنصرية والتمييز على أساس التعبد بفقه آخر، أو الأصل والعرق واللون».
إنها قضية وطن يحيا به الجميع سنة وشيعة، مدنيون ومتدينون، أو نهلك جميعا، لم يعد يكفي أن يهشتق السعوديون المحرضين، الذين يطالبون بهدم وحرق مساجد سنة أو شيعة أو إسماعيلية، أو منتقصين من الوطنيين ومتهمين إياهم بالتصهين لأنهم يقفون ضد حزبهم المحرض، كما أنه من غير المقبول أن من ألف كتابا عن خطر مسجد لطائفة معينة ووجوب هدمه وتدميره، ليقوم بعدها إرهابي بتفجير نفس المسجد وقتل من فيه، لم يعتذر ولم يتراجع عن فكره المتطرف.
الدواعش الذين يفجرون مساجدنا ويقتلون أحبتنا يطبقون أفكار المحرضين والقتلة، ممن يعيشون بين الرقة شمالا إلى حضرموت جنوبا، لذلك فإن القصاص من الإرهابي، ليس هو الحل المثالي، هو جزء منه بلا شك، لكن الأهم هو محاسبة المحرض نفسه، ووأد فكره في صدره قبل أن ينبت كراهية وموتا.
اقتلوهم قبل أن يقتلونا، ارموهم في السجون قبل أن يشردونا، اقضوا عليهم قبل أن يقضوا على وطن صمد عقودا في وجه الفتن والمؤامرات والخيانات.