هل منطقتنا ستصير أكثر أمنًا واستقرارًا بعد رفع أوروبا وأميركا العقوبات عن إيران؟
هذا هو السؤال الجوهري في القصة كلها. بالنسبة لفريق الرئيس الأميركي أوباما، وفي مقدمهم وزير الخارجية جون كيري، هذا هو الأمر الذي سيحصل من إيران بعد توقيع القرار برفع العقوبات، مع كثرة الكلام «التقني» عن إجراءات الرقابة والتحقق من قبل الوكالة الدولية، حول المنشآت النووية الإيرانية، لضمان أن يكون نوويها مدنيًا لا عسكريًا.
هكذا يقولون، ويؤكد الغرب كله مع أميركا، مع إبقاء بعض الشكوك كل مرة، كما التأكيد على أن كل هذه الترتيبات محددة بفترة زمنية، يعني بكلمة أخرى هي «ترحيل» للمشكلة النووية العسكرية الإيرانية للمستقبل، وليس حلاً نهائيًا نقيًا لها.
بالنسبة لأكثر شخص في العالم تملكته الحماسة طيلة فترة رئاسته الثانية، لهذا الاتفاق، أكثر حتى من المرشد خامنئي، وهو الرئيس الأميركي أوباما، فهذا «تقدم تاريخي»، كما قال، محتفيًا بعيد إعلان رفع العقوبات.
كيف رأى جون كيري العالم والمنطقة بعد هذا الرفع والتأهيل الجديد لإيران؟ أكد عراب الاتفاقية كيري في اجتماعه مع العريس الإيراني للاتفاق وزير الخارجية ظريف، أنه نتيجة للإجراءات التي اتخذت منذ يوليو (تموز) الماضي، فقد باتت «الولايات المتحدة وأصدقاؤها وحلفاؤها في الشرق الأوسط والعالم أجمع أكثر أمنًا».
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن هذا التطور من شأنه أن يعزز الاستقرار والسلم الإقليميين.
بالنسبة للرئيس الإيراني الذي يجيد بعث رسائل السلام المعسولة لدول الجوار، والمقصود تحديدا دول الخليج، بعد الاتفاق، والضمانة هي نياته الطيبة، فإن تنفيذ الاتفاق هو «انتصار جليل لأمة صبورة».
لكن بالعودة إلى الواقع، بعيدًا عن هذه الحفلة، فإن المتاعب، لإيران نفسها، قبل دول المنطقة، بدأت الآن.
الاتفاق كما قيل مرارًا مختل البناء، فهو يحصر المشكلة مع إيران في القصة النووية، وليس في النهج السياسي التخريبي بالمنطقة، وهو جوهر المشكلة، والدليل أن إيران ظلت وفية لهذا النهج التخريبي قبل وبعد إعلان التنفيذ، بل إن الخزانة الأميركية فرضت عقوبات جديدة على إيران بسبب تجربة إطلاق الصواريخ الباليستية.
ثم هل توقيت تحرير النفط الإيراني يعد جيدًا بالنسبة لإيران في هذا الوقت العصيب لسعر البترول بالعالم؟
الحق أنه لا يجوز الهلع، فهذا الاتفاق بناه أوباما ومن معه على قصور الرمال، وسيجرفه موج الواقع الآتي في المستقبل، فإيران الخمينية لا تقدر على ألا تكون ذاتها، ولا يمكن لأوهام كيري وموغيريني أن تغير حقائق الجغرافيا والديمغرافيا والتاريخ في منطقة الشرق الأوسط.