المعلومات تقول إن بعض أعضاء مجلس النواب يعملون لاتخاذ قرار في المجلس بسحب التفويض الذي منحه لرئيس الحكومة حيدر العبادي من أجل إجراء الإصلاحات التي اقترحها العبادي قبل شهر وتبنّاها البرلمان وتعهد من جانبه بتنفيذ حزمة أخرى من الاصلاحات اقترحها هو أيضاً. والذريعة لسحب التفويض كما أشيع أمس، نقلاً عن مصادر برلمانية، أن “لبرلمان “أصيب بخيبة أمل من جراء الاصلاحات الترقيعية”!، وأن “كل الاجراءات” المتخذة حتى الآن “لا ترتقي الى مستوى أبناء شعبنا الذين خرجوا في تظاهرات للمطالبة باصلاحات حقيقية”!.
مما لا يحتاج الى دليل أن الأغلبية العظمى من أعضاء مجلس النواب، كما أعضاء مجلس الوزراء، يناهضون الاصلاح جملة وتفصيلاً، وأنهم ما كانوا سيصوتون لصالحه في المجلسين لو لم تندلع المظاهرات الصاخبة في مختلف محافظات البلاد، متهمة على نحو مباشر وصريح الطبقة السياسية المتنفذة بالفساد “كلهم حرامية”.. وبالطبع لم يكن المقصود بـ”كلهم” جميع الوزراء والنواب، فبينهم بالتأكيد من هو شريف ونزيه، لكن هؤلاء أقلية ضئيلة. الوزراء والنواب الفاسدون والمفسدون صوتوا لصالح الإصلاح خوفاً من غضبة الشعب.
أغلب الظن أن بعض هؤلاء الفاسدين والمفسدين يعتقد الآن بأن الموجة العاتية قد مرّت والصدمة قد أُمتصّت، وآن الأوان للتراجع عن التصديق على مقترحات الحكومة الإصلاحية المُدعمة بمقترحات إضافية من مجلس النواب نفسه، فيجري الحديث عن سحب التفويض الذي منحه للعبادي يوم التصويت على تلكم المقترحات.
بالطبع هذا وهم كبير من النواب وجهل مطبق بحال البلاد، فالحركة الاحتجاجية مصممة على الاستمرار في مظاهراتها ونشاطاتها الأخرى وتصعيد وتيرتها حتى تحقيق مطالبها، وسيكون من العبث أن ينكث مجلس النواب عهده، لأنه بذلك سيتسبب بزيادة النار اشتعالاً ومضاعفة النقمة على المجلس وعموم الطبقة السياسية المتنفذة.
الناس تعرف أن تحقيق الاصلاح مرتبط بتشريع القوانين التي تُلزم أجهزة الدولة، وبخاصة التنفيذية، بمكافحة الفساد الإداري والمالي، وتحسين مستوى ونوعية الخدمات العامة، والحدّ من مستويات الفقر والبطالة. ومجلس النواب لا يستطيع أن ينأى بنفسه عما يحصل في البلاد، بل انه يتحمّل المسؤولية الأولى لأنه لم يقم بمهامه على النحو المطلوب، إن لجهة تشريع القوانين المطلوبة، أو لجهة مراقبة أداء دوائر الحكومة وأجهزتها.
ليس من خيار أمام مجلس النواب الآن إلا التسريع بالاجراءات المفضية الى انجاز الاصلاح وتحقيق مطالب الشعب، فبوابات المجلس ليست قوية بما يكفي لمواجهة غضبة شعبية مضاعفة.
*نقلاً عن صحيفة “المدى”