تحوّلَت متابعة ملفّ الحائزین علی المُنَح الدراسیة بصورة غیر قانونیة والتي مَنحتها حکومة أحمدي نجاد السابقة لهم (خلال فترة تولّیها السلطة التي استغرقت ثماني سنوات)، إلی مصدر قوّة واعدة لحکومة حسن روحاني الحالیة. لکن الملف المذکور واجَه طریقاً مسدوداً بعد تراجُع وزیر العلوم والتعلیم العالي عن مواقفه السابقة التي کانت تستند إلی معلومات ووجهات نظر الخبراء.
فامتناع رئیس الجمهوریة روحاني ومساعده عن تنفیذ وعودهما الصریحة بتَحِمُّل نفقات مکافحة الفساد العلمي، قد أثار شکوکاً کبری حول صلابة الحکومة لمتابعة مکافحة الفساد علی مستوی البلاد، علماً بأن التصریحات التي أدلی بها مُرشِد النظام في الشهر الماضي حول حمایته للحائزین علی مُنَحٍ دراسیّة بشکلٍ غیر قانوني، من المحتمل أن تکون قد أحبطت مشاعر المسؤولین في الحکومة لمتابعة هذا الفساد العلمي الذي سمع عنه الجمیع.
وفي هذا الإطار أفادت تقاریر وکالات الأنباء في الشهر الماضي بأن «محمد فَرهادي» وزیر العلوم والأبحاث والتقنیة في حکومة روحاني الحالیة، أشار إلی ملَفّ أصحاب المُنَح الدراسیة غیرالقانونیة قائلاً: لقد جری تجمیع ملفّات هؤلاء ودراستها، وباستثناء 36 ملفَّاً خاصاً بالذین استفادوا من المُنَح الدراسیة بصورة غیر قانونیة، فإن باستطاعة المتبقّین، مواصلة دراساتهم.
وفي جزء آخر من تصریحات وزیر العلوم (التعلیم العالي) في حکومة روحاني والتي نقلتها وکالة أنباء «تسنیم»، استخدم الوزیر عبارات مماثلة جداً ومؤسفة لما قاله مسبقاً مرشد النظام حول مساندة وحمایة عناصر الفساد العلمي حیث قال الوزیر: إننا نعتقد بأنه یجب مواجهة الأشخاص الذین أساءوا إلی سُمعة أصحاب المُنَح الدراسیة وظَلَموهم بکلّ قسوة ووحشیة.
الجدیر بالذکر أن مرشد الجمهوریة الإسلامیة کان خلال لقائه بأساتذه الجامعات قبل شهرین قد «أعرب عن مساندته وحمایته بشکلٍ غریبٍ وغیر مسبوق، للّذین کانوا قد فازوا بِمُنَح دراسیة بصورة غیر قانونیة، ووصف مسألة کَشّف النقاب عن هذه الفضیحة العلمیة في الصحف ووسائل الإعلام بأنها لعبة اُرتُکِبَت ضد الفائزین بتلک المُنَح الدراسیة».
وحَذَّر علي خامنئي في کلمته مما سمّاه «لعبة السیاسة في الجامعات» وقال: «إن تضخیم موضوع الفائزین بالمُنَح الدراسیة لاستکمال دراساتهم العلیا في الجامعات، هو أحد دلائل لعبة السیاسة».
فمرشِد النظام الإسلامي الذي سانَدَ وقام بدَعم حکومة أحمدي نجاد السابقة أکثر من أیّة حکومة أخری طیلة الثماني سنوات التي استمرت في الحُکم، کان قد طالب بعدم الإطناب والتزید في الکلام عن الفساد والاختلاسات التي عمَّت إیران في تلک الحقبة، وبینما لا یزال المرشد یتّخِذ موقف الصَمت إزاء الأحداث المأساویة التي وقعت في تلک المرحلة. فإنه أدانَ کشف النقاب عن الفساد العلمي في فترة رئاسة جمهوریة أحمدي نجاد، ووصف ذلک بأنه کان من أخطأ التَصرُّفات التي حدثت في الأعوام الأخیرة.
وفي کلمته التي ألقاها خامنئي في اجتماع أساتذة الجامعات، لم یُشِر إلی هذه التساؤلات: هل أن حِرمان الآلاف من طلبة الجامعات الأکثر کفاءةً من الآخرین من مواصلة دراساتهم التخصّصیة، وهل أن اختفاء الملیارات من الدولارات من رؤوس الأموال الوطنیّة، وانهیار قیمة الریال الإیراني، وسقوط قطاعاتٍ کثیرة من المجتمع الإیراني إلی تحت خطّ الفَقر أیضاً، تُعتَبر من ضمن التصرّفات الخاطئة التي حدثت في الأعوام القلیلة الماضیة أم لا؟؟
لقد ادَّعی خامنئي أن «التحقیقات الدقیقة التي تمّت، تدلّ علی أن مسألة المؤهّلین لاستلام المُنَح الدراسیة، لم تکن بالشکل الذي تلاعبت به وأدرجَتها الصحف، وحتی لو کانت کذلک، فقد کان یجب عن طریق السُبُل القانونیة، أن یتم إلغاء المیزات التي کانت قد استحوذت علیها تلک الجماعة، خلافاً للقانون، لا أن تُثار ضجّة بهذا الشکل».
إن موقف مرشد النظام إزاء أضخم ملفٍّ للفساد العلمي في إیران، کان مماثلاً لموقفه الذي اتّخذه بالنسبة لِطَلبه بعدم تمطیط وتمدید الضجّة الي اٌثیرت حین تمّ کشف النقاب عن حدوث اختلاسٍ في إیران جری فیه سرقة 30 ألف ملیار ریال إیراني، والذي تسبّب في أن یزداد المجرمون جُرأةً لمواصلة فسادهم!!
الجدیر بالذکر إن هذه لیست المرّة الأولی التي یدافع فیها مرشد الجمهوریة الإسلامیة بهذه الصراحة عن الذین ینتهکون ویخالفون القوانین ویخرقون النُظُم، لکن هذه الصراحة الظاهرة التي نشاهدها في کلام المرشد، لم یسبق لها مثیل من قَبل، حیث تدلّ علی أن المرشد یُفکِّر في زَجّ أولئک الفائزین بالمُنَح الدراسیة بصورة غیر قانونیة، بتنفذ أدوارِ هامة في مخطّطاته في الجامعات، تلک الأدوار التي أشار إلیها خامنئي في کلمته خلال لقائه بأساتذة الجامعات والتي قال فیها: «إن الحماس الباطني یدفَعهم لإحداث تطویرٍ في العلوم الإنسانیة في الجامعات».
الخبراء الإیرانیون یزورون أمریکا من أجل إنقاذ بحیرة اُرومیَّة
قال رئیس لجنة الجیولوجیا في مرکز إحیاء بحیرة اُرومیّة (رضائیة سابقاً) الواقعة في محافظة آذربایجان الغربیة في إیران: لیس هناک مَفَرّ سوی إحیاء بحیرة اُرومیَّة، إذ یجب أن نعید إلیها المیاه التي أخذت منها. علماً بأن نَقل المیاه الیها من مکانٍ آخر، لیس السبیل الأمثَل لإحیاء هذه البحیرة، بل یجب تجمیع میاه الأمطار في حوض البحیرة، علی أن یتولّی مجلس الإدارة شؤون إحیائها.
وفي هذا الإطار أجرت وکالة أنباء طلبة الجامعات الإیرانیة «إیسنا» مقابلة مع السیدة «راضیة لَک» مندوبة وزارة الصناعة والتجارة والمعادن الإیرانیة في مرکز إحیاء بحیرة اُرومیّة، حول زیارة أربعة من المتخصّصین في مجال إحیاء هذه البحیرة، التي توشک علی الجفاف، للولایات المتحدة استجابة لدعوة إحدی الجامعات الأمریکیة، حیث قالت السیدة راضیة «في هذه الزیارة قمنا بتَفقُّد أربع بحیرات أمریکیة هي: سالتون سي (Salton Sea)، ومونولیک (Mono Lake) واُوِنز لیک (Owens Lake) في ولایة کلیفورنیا، وسالت لیک (Salt Lake) في ولایة یوتا».
وأضافت «راضیة لَک» قائلة: «إن هدفنا من هذه الزیارة هو الإطلاع علی تجارب الأمریکیین حول المناطق الجافّة، والبحیرات التي اُصیبت بالجفاف وکان یتم إحیاؤها، وذلک لکي نستفید من هذه الخبرات والتجارب في البرامج والقرارات التي تتّخذها لإحیاء بحیرة اُرومیّة الإیرانیة».
واستطردت راضیة لَک قائلة: «إن الهدف الآخر من هذه الزیارة أیضاً کان لمشاهدة البحیرات المماثلة لبحیرة اُرومیة من وجهة النظر المناخیة وأن نری الأسالیب التي استخدموها، وأن ندرک الأخطاء لکي لا نرتکبها مهما کانت صغیرة في البرامج التي تقرّر أن تتم تنفیذها في بحیرة أرومیة في إیران».
وأکّدت السیدة «راضیة لک» علی أن البحیرات الأربع التي جری تفقّدها، یمکن مقارنتها مع بحیرة اُرومیّة وقالت: إن بحیرة اُوِنز لیک (Owens Lake) ستکون مماثلة لبحیرة أُرومیة في المستقبل لو لم یُتَّخَذ أي إجراء بشأن بحیرة اُرومیة. أما بحیرة سالت لیک (Salt Lake) فأوضاعها مماثلة لأوضاع بحیرة اُرومیّة قبل خمس سنوات. ومن الأفضل أن یستفید الأمریکیون من خبراتنا التي حصلنا علیها في تلک البحیرة، وبحیرة مونولیک (Mono Lake) أیضاً، سیکون مستقبلها مماثلاً لمستقبل بحیرة اُرومیة لو أردنا إحیاءها.
أما بحیرة سالتون سي (Salton Sea) فتُعتبر کمُختَبرٍ طبیعي لإثبات مدی تأثیر الکثافة السُکّانیة في مسیرة تخریب البحیرات.
وفي هذا الإطار أیضاً أشار مساعد شؤون المشاریع والبرامج في منظمة الجیولوجیا الإیرانیة إلی أن مساحة بحیرة اُوِنز لیک (Owens Lake) تبلغ 3,5% من مساحة بحیرة اُرومیة. ولو اُصیبت بحیرة اُرومیة بالجفاف، فیجب أن نُخَصِّص مصادر مالیة کثیرة للتَحکُّم في العواصف الغُباریة التي تَهبّ في هذه البحیرة. وقال المذکور: لقد لاحظنا في هذه الزیارة إنه لو ترکنا بحیرة اُرومیّة کما هي الآن، فإنها سوف تصبح مماثلة لبحیرة اُوِنز لیک (Owens Lake) المصابة بالجفاف حالیاً، وتنفق الإدارة الأمریکیة أموالاً کبیرة جداً (450 ملیون دولار) لتنفیذ ثمانیة أسالیب من أجل التحکُّم بالعواصف الغباریة.
الأسطول الروسي في المیاه الإیرانیة
لا تزال سیاسة العسکریین في الجمهوریة الإسلامیة مستمرة من أجل التقارب مع روسیا بالرغم من الإخفاقات المتکرّرة التي لحقت بهم. وأفاد تقریر لوکالة أنباء «إیسنا» الإیرانیة بأن عدداً من السفن الحربیة التابعة للقوات البحریة الروسیة ألقت بمراسیها في یوم الأحد 9 أغسطس/آب الماضي في رصیف أسطول الشمال والمنطقة الرابعة التابعة للقوات البحریة التابعة للجیش الإیراني، ورَسَت في المیاه الإیرانیة.
ولقد وصفت وکالة أنباء «إیسنا» في تقریرها سبب هذا الإجراء بأنه «من أجل تعزیز العلاقات الودّیة، وفي مجال توسیع التعاملات البحریة بین الجمهوریة الإسلامیة وبین الفدرالیة الروسیة».
ونشیر إلی أن هذه السفن البحریة الروسیة تضمّ السفینتین الحربیّتین «فولجا دونسک» و«ماخاش قلعه» اللتین قامتا بالرسو في المیاه الإیرانیة في بحر مازندران (بحر قزوین) لفترة ثلاثة أیام.
ومن المقرّر أن تُجری تمارین بحریة مشترکة في هذه الفترة بین القوات البحریة الإیرانیة والروسیة.
وقد تحول التقارب بین الجمهوریة الإسلامیة وبین روسیا في الأعوام الأخیرة، إلی سبیل لکي تمارس روسیا عن طریقه بالضغط علی العالم الغربي، لکن أیّاً من هذه الإجراءات المشترکة لم تثمر أیة نتیجة بالنسبة لإیران إلاّ أن رغبة المسؤولین في النظام الإسلامي للتقارُب مع روسیا لم تُصب بالضعف مطلقاً.
فعلی سبیل المثال نقول: لقد تمّ دَفع ملیارات الدولارات من الأموال الإیرانیة إلی روسیا في قضیّة استکمال بناء مفاعل تولید الطاقة الذریة في مدینة بوشِهر (علی ساحل الخلیج الفارسي في جنوب إیران)، وفي النهایة وبعد تأخیرٍ زادَ علی العشر سنوات، وعقب إنفاق عشرات الأضعاف من الدولارات، تمّ البدء بتشغیل مفاعل تولید الطاقة الذریة في «بوشِهر» بأقلّ من طاقته الإنتاجیة.
هذا وکان «حمید جیت جِیان» وزیر الطاقة الإیراني آنذاک قد ألقی کلمة في مراسم بَدء تشغیل الوحدة الأولی في محطّة تولید الطاقة الذریة في بوشهر في أکتوبر/ تشرین الأول 2013م، أشار فیها إلی: أن النفقات التي صُرِفَت آنذاک، بلغت ما یقارب الخمسة ملیارات دولار. وأکّد الوزیر المذکور قائلاً: لو کان قد تمّ إنفاق خمسة آلاف دولار لتولید کیلوواط واحد من الطاقة الکهربائیة، فإن محطّة تولید الطاقة الذریة کان باستطاعتها إعادة الخمسة ملیارات دولار خلال سنتین ونصف السنة.
ومع ذلک وبالرغم من هذه النفقات الضخمة، فقد أثارت مسألة توفیر الأمن لمفاعل تولید الطاقة الذریة في مدینة بوشِهر، الشکوک منذ البدایة. ففي یونیو/حزیران 2013م، وفي أعقاب «الهزّة الأرضیة» الشدیدة التي ضربت جنوب إیران، قیل بأن المفاعل الذري المذکور قد اُصیب بأضرارٍ جادّة. وبالرغم من أن المصادر الروسیة والشرکة التي أنشأت المحطّة، نَفت تلک الأنباء، فإن القلق ظلّ مُهَیمِناً علی البلاد. ومنذ ذلک الحین تقرّر استبدال أماکن الأریاف المحیطة بالمفاعل. علماً بأن استبدال الأماکن، سوف یَستوجِب إنفاق المزید من ملیارات الریالات الإیرانیة.
وکان «عبدالکریم جمیري» ممثّل مُدُن «بوشِهر» و«جاوه» و«دَیلم» في مجلس الشوری الإسلامي، قد أشار في الشهر الماضي إلی التأخیر في استبدال أماکن القری المحیطة بالمفاعل الذري في بوشهر، وقال: لقد کنا نتابع هذا الموضوع الهام عبر الطرق المختلفة في الفترة التي کنّا نُمَثِّل فیها أهالي تلک المدن في مجلس الشوری الإسلامي، وتابَعنا الموضوع عن طریق رئیس الجمهوریة ومساعدیه والوزراء. إذ یجب تقریر مصیر سکان هذه القُری والمدن، وکیف ستکون عملیات استبدال أماکن تلک الأریاف.
وأشار المذکور إلی وجهة نظر منظمة الطاقة الذریة الإیرانیة التي تفید بضرورة استبدال أماکن تلک القری، وأضاف یقول: من المقرّر عقد اجتماع في هذا المجال علی أن یحضره مساعد رئیس الجمهوریة للشؤون الاستراتیجیة، ورئیس منظمة الطاقة الذریة، ومحافظ بوشهر. وتجري حالیاً متابعة هذا الموضوع.
هذا وبالإضافة إلی قضیّة المفاعل الذري في مدینة بوشِهر، فإن هناک مسألة الاتفاقیة المعقودة بین الجمهوریة الإسلامیة وبین روسیا لشراء صواریخ من نوع إس/300 التي تحوّلَت إلی موضوعٍ أثارَ ضجّة واضطراباً في الأعوام الأخیرة. فهذه الاتفاقیة التي عقدت في عام 2005م، لم یتم تنفیذها عملیاً حتی الآن، ولم تصبح ساریة المفعول ما یقارب العشر سنوات، وفي کل مرّة تَعِدُ روسیا بتسلیم الصواریخ المذکورة في موعدٍ غیر مُحدَّد، وتواصِل اللعب مع الملف الإیراني.
ففی الأعوام التي کان أثناءها ملفّ إصدار الحظر ضد إیران معروضاً علی مجلس الأمن الدولي، لم تکن روسیا علی استعدادٍ لتأیید وحمایة إیران واستخدام حق النَّقض (الفیتو) لصالحها. لذلک تمَّت المصادقة علی قرارات الحظر ضد الجمهوریة الإسلامیة الواحدة تلو الأخری.
وهنا ینبغي أن نشیر إلی أنه في الشهور الماضیة بادر المندوب الروسي في مجلس الأمن الدولي إلی استخدام حق النقض (الفیتو) مَرَّتین: الأولی في إفشال قرار مجلس الأمن حول «دراسة الحادث المفاجئ لسقوط الطائرة المالیزیة في الاراضي الأوکرانیة». أما في المرّة الثانیة فکان من أجل إفشال قرار إدانة صرب البوسنة بسبب إبادة جیلٍ من مسلمي مدینة «سِرِبرِنیتسا» في البوسنة.
أما في القضیّة الإیرانیة (المفاوضات الذریة)، فلم تکن روسیا علی استعدادٍ لمساعدة إیران. وحتی حین اشتدّ الصراع بین روسیا والغرب، وابتدأ الحظر الذي فرضته البُلدان الأوربیة وأمریکا علی روسیا بسبب المسألة الأوکرانیة، لم یحدث أي تغییر في مصیر مطالب الجمهوریة الإسلامیة من روسیا، بل ظَلَّت إیران تواصل التقرب من روسیا.
وعلی أية حال نشیر هنا إلی أن الموالین لروسیا في إیران، أقویاء وأصحاب نفوذٍ حیث یدافعون وبشکلٍ سافرٍ عن المصالح الروسیة في إیران، ویتّهمون المعارضین بالخیانة.
الجدیر بالذکر أنه في ربیع عام 2014م، وخلال تصاعُد الصراع بین روسیا والغرب حول أوکرانیا، کان وزیر البترول الإیراني قد اقترح بأن إیران بصفتها الدولة المُصَدِّرة للغاز، تستطیع أن تَحِلّ محل روسیا في تصدیر الغاز إلی الدول الغربیة.
وفي تلک الحقبة، اتَّهم حسین «شریعت مداري» مُمَثِّل خامنئي في صحیفة «کیهان» التي تصدر في طهران، اتَّهمَ مُقَدِّم الاقتراح بأنه إمّا أن یکون خائناً، أو شخصاً ساذجاً.
وعلی أیة حال فإن «تاریخ الاستراتیجیة الإیرانیة» یؤکّد أن الجهود المتواصلة التي بذلتها إیران للاقتراب من روسیا، کانت دوماً من جانبٍ واحد. فقد نشَر موقع «ألِف» علی شبکة الإنترنت التابع لأحمد تَوکلُّي العضو الیمیني الاتّجاه في مجلس الشوری الإسلامي، مقالاً قصیراً بعنوان «ما الفَرق بین الصین وروسیا من جهة، وبین أمریکا من جهة اُخری»؟ جاء فیه: أن روسیا التي لها خلفیّات تاریخیة في فَصل محافظات إیرانیة عن الوطن الاُم، واحتلال محافظة آذربایجان الإیرانیة لفترة، وتقسیم إیران کمناطق نفوذ بینها وبین بریطانیا، وممارسة الضغوط علی بلاط الأسرة القاجاریة الحاکمة في إیران آنذاک، فماذا کانت تستطیع أن تمارسه روسیا ضد إیران أکثر من ذلک؟
فهل لم تنتفع من الحظر الذي فَرضَه مجلس الأمن الدولي علی الجمهوریة الإسلامیة؟
وهل بادرت روسیا إلی استخدام حقّ الفیتو ضد حتی واحد من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي ضد إیران؟ وهل زَوَّدتنا بمادة الیورانیوم؟ وهل جری الانتهاء من استکمال محطّة تولید الطاقة الذریة في مدینة بوشِهر؟ طبعاً لا.
وقال أحد الخبراء الروس في برنامجٍ وثائقي تلفزیوني: لقد تمّ إحیاء الصناعة الذریة الروسیة في أعقاب الحادث المعروف بـ (تشِرنوبیل) بَدعمٍ ومساعدةٍ من إیران. لقد لعبت روسیا وباستمرار بورقة الجمهوریة الإسلامیة، وکسَبَت میزات من أمریکا، لکنها لم تتعاون مع إیران عملیاً. وأضاف الخبیر الروسي قائلاً: هل ارتکبت روسیا في القضیّة الاُوکرانیة أو في حروب شبه جزیرة البلقان، تَصرُّفات مخالفة لنَزعتها الاستکباریة؟
وهل أن روسیا لم تُسانِد وتدعم الإنفصالیین الأوکرانیین، ولم تُهَدِّد حکومة أوکرانیا؟ في الوقت الذي کانت تقوم فیه بِقَمعٍ المسلمین في الشّیشان بأبشَع أنواع القمع، في حین کان الشیشانیون یطالبون بالإنفصال عن روسیا وإعلان الاستقلال.
وهل أن روسیا في حروب البلقان لم تُبادِر إلی دَعم وحمایة الصِّرب الذین ارتکبوا الکثیر من الجنایات ضد المسلمین في البوسنة بسبب أن الصِّرب کانوا حلفاء لروسیا؟ هذه هي روسیا!! فهل أن قائمة تصرّفاتها رائعة ومُشرِقَة؟