نشرت جريدة «الرأي» الأردنية قبل ايام قليلة تفاصيل قضية العراقي النرويجي المنتمي لـ(فيلق القدس) الايراني والذي كان يخطط للقيام بأعمال ارهابية على الساحة الاردنية، وضبط بحوزته 45 كغم من مادة الـ(RDX) شديدة الانفجار كانت مخبأة في منطقة ثغرة عصفور في محافظة جرش شمال المملكة.
وقالت أن المتهم إسمه «خالد كاظم جاسم الربيعي» ويحمل الجنسيتين العراقية والنرويجية ويبلغ من العمر 49عاما، حاول القيام بأعمال ارهابية، والقيام بأعمال من شأنها الاخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، والانتساب الى جمعية غير مشروعة (فيلق القدس) بقصد ارتكاب اعمال ارهابية.
العلاقة الأردنية الايرانية:
العلاقة الأردنية الايرانية ليست ممتازة رغم حرص الأردن لأربع سنوات ان يأخذ موقفا محايدا تجاه الأزمة السورية وعدم التدخل في الشأن السوري. وفي مارس آذار 2015 زار وزير الخارجية الأردني ناصر جودة طهران في زيارة قصيرة تلبية لدعوة من نظيره الإيراني للتحادث حول العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول أهم القضايا الإقليمية والدولية ومحاربة الإرهاب. والتقى أيضا الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف، وأكد وزير الخارجية الأردني في تصريح بأن زيارته لإيران في الظروف الراهنة مهمة.
ألا يؤكد ذلك رغبة الأردن في الحفاظ على علاقة سوية وجيدة مع ايران؟
ما قاله العاهل الأردني:
هناك امتعاض ايراني يعود لأواخر عام 2004 عندما حذر العاهل الأردني من مخاطر ما أطلق عليه الهلال الشيعي. وكان أول زعيم عربي يحذر من أخطار التوسع الايراني في المنطقة.
نظرة سريعة على الخارطة السياسية الآن في عام 2015 نجد أن تحذيرات عبدالله الثاني كانت قراءة واقعية ودقيقة للمعطيات الجيو-سياسية للمخططات الايرانية. ايران تحتل العراق احتلالا مباشرا وتحتل لبنان من خلال وكيلها حزب الله وتحتل اجزاء من سوريا بسبب تواطؤ النظام من جهة وبسبب ضعف مقدراته العسكرية. ايران تحاول اختراق اليمن وخلق مشاكل في السعودية باستخدام المخلب الحوثي ولكن “عاصفة الحزم” أحبطت هذا المخطط التآمري. والتدخل الايراني لزعزعة استقرار البحرين بات واضحا ومكشوفا للملأ.
ايران أيضا لم توافق على مقترح اردني لدعم عشائر السنة في العراق وسوريا لمحاربة داعش حيث نقلت وكالة الانباء الاردنية في حزيران الشهر الماضي عن الملك عبدالله تأكيده “خلال استعراضه للظروف والاوضاع السائدة في المنطقة، ان من الواجب علينا كدولة دعم العشائر في شرقي سوريا وغربي العراق”، وذلك خلال زيارة قام بها لشيوخ ووجهاء في البادية الشمالية.
واعتبر الملك ان “العالم يدرك اهمية دور الاردن في حل المشاكل في سوريا والعراق وضمان استقرار وامن المنطقة”.
ذرائع ايرانية للتدخل في الشأن ألأردني:
الامتعاضات الايرانية ليست موضع استغراب لدى غالبية الأردنيين ولكن هناك على الساحة الأردنية جماعات ونشطاء يروجون لنظام ملالي طهران ويبررون جرائم بشار الأسد ايمانا بنظرية المقاومة والممانعة التي يتم تسويقها سوريا وايرانيا للضحك على البسطاء والساذجين في الشارع العربي. السلطات الأردنية ترصد وتراقب تلك المجموعات التي تعمل ضد مصلحة الأردن بتأييدها لدولة اقليمية تتآمر على الأردن وخير دليل على التآمر الايراني هي قصة “ثغرة العصفور”.
منذ اسابيع ازداد نشاط عناصر الحرس الثوري الايراني وحزب الله في الجبهة السورية الجنوبية القريبة من حدود الأردن الشمالية مما خلق حالة من القلق والترقب في الأردن واتخاذ اجراءات احترازية لحماية الأردن من اي مغامرات عسكرية في اراضيه. لذا لا يجب التقليل من مخاطر تواجد حزب الله وايران على الحدود الأردنية السورية.
ليس خفيا على أحد ان الحرب القائمة في سوريا جعلت من الأردن ملاذا آمنا لما لايقل عن 1.5 مليون لاجيء سوري. حيث يتقاسمون مع الأردنيين الموارد المائية الشحيحة ويشكلون عبئا اضافيا على دولة مواردها محدودة في الأساس.
الهدف الايراني واضح وهو توريط الأردن في عمل عسكري واغراق الأردن في وحل المستنقع السوري كما فعل في لبنان بحجة استفزاز الجيش اللبناني بالتدخل في بعض المناطق بحجة محاربة داعش وجماعات اخرى تابعة للقاعدة.
ذرائع ايران للتدخل في الشأن الأردني معروفة ومنها خدمة القضية الفلسطينية ومنها أن الأردن حليف للغرب ولكن الهدف الأساسي الاخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار في البلد. وتستخدم ايران بساطة وسذاجة حفنة من اليساريين والاخونجيين من الذين ابتلعوا اكاذيب المقاومة والممانعة الشعاراتية.
المخطط الايراني يهدف لزعزعة الاستقرار وخلق حالة من الفوضى تستطيع ايران من خلالها تثبيت وطأة قدميها في الأردن وخير دليل على هذا المخطط هو احباط الأمن الأردني لمحاولة تفجيرات يرتبها أحد عناصر فيلق القدس الايراني خالد كاظم جاسم الربيعي. يبدو ان فيلق القدس يخوض الحروب في العراق وسوريا واليمن وفي كل مكان باستثناء القدس.
والتهديدات الايرانية للأردن ليست جديدة حيث هدد الجنرال محمد رضا نقدي قائد الباسيج الايراني قبل شهور انّ الباسيج سيكون لها دور في الاردن كما حصل في لبنان وفلسطين.
نجحت ايران في اختراق العراق بسبب تعاطف الطائفة الشيعية وتواطؤ قياداتها الفاسدة مع طهران والمخطط الايراني وكذلك في سوريا ومن خلال حزب الله في لبنان وحاولت اختراق اليمن من خلال الحوثيين الذين أخذوا على عاتقهم تهديد السعودية. وجاءت “عاصفة الحزم” واحبطت المخططات الايرانية في اليمن والمناطق المحاذية للحدود السعودية.
هناك مخاوف ان تستغل ايران المدخل السياحي بحجة زيارة قبر الصحابي جعفر بن أبي طالب جنوب الكرك. وتقديم اغراءات مادية مثل البترول المجاني واستغلال جماعات يسارية واخونجية لتلميع صورة ايران في الأردن واعطاءها مدخل للساحة الأردنية.
المحللون الغربيون يعتقدون ان ايرن تستغل كل فرصة ممكنة لتقوية تواجدها في أي منطقة عربية لتمديد نفوذها وسيطرتها. استغلت ضعف النظام السوري لتأسيس وجود لها في جنوب سوريا على الحدود الاردنية والاسرائيلية وكذلك في غرب سوريا حيث يسعى نظام دمشق لتأسيس دولة علوية ساحلية وبدعم وتواجد ايراني مكثف. البعض رأى ذلك كمحاولة ايرانية لتقوية موقفها التفاوضي في الملف النووي.
طموحات ايران الاقليمية:
في ابريل نيسان الماضي قال حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، إن “إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية ونقلت وكالة أنباء “فارس” عن مصلحي تناغم تصريحاته مع تصريحات رئيس الوزراء وليست هذه المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات عن قادة في إيران سياسيين وعسكريين، حول توسعهم ونفوذهم في المنطقة العربية بواسطة الجماعات والميليشيات الطائفية التابعة لطهران في بعض الدول.
وكان الجنرال حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، قال إن “المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع لـ(الثورة الإسلامية) خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان”، حسبما نقلت عنه وكالة مهر للأنباء.
صمود أردني:
مخطط ايران يشمل دول الخليج العربي والأردن حيث تكتمل سيطرتها على المنطقة. ولكن للأردن علاقات وتحالفات استراتيجية مع دول الخليج العربي والسعودية ولا يمكن ان تضحي بتلك العلاقات الهامة من اجل عيون طهران.
نسيت القيادات الايرانية ان الأردن لن ينصاع لارادة طهران مهما كانت المغريات والضغوطات والمحاولات للعبث بأمن الأردن واستقراره.
قوة الأردن وصلابته لا تنبع من غياب الطائفية البغيضة والانقسامات وجيش محترف فحسب بل من قيادة هاشمية حكيمة ومجتمع متماسك وواعي للمخاطر ويثق بقدرات الأردن الأمنية ويقدر عاليا ما تقوم به من الحفاظ على الأمن والإستقرار ويثمن حالة الأمن والاستقرار التي تسود الأردن.
سيبقى الأردن رقما صعبا في المعادلة الايرانية الاقليمية.
– See more at: http://elaph.com/Web/opinion/2015/7/1022613.html#sthash.tImnT5jS.dpuf