بين حين وآخر أحصل على ايميلاتٍ، تدعونا للتصويت على الخليج العربي أو الفارسي. قبل الدخول في هذا الموضوع الحسّاس، أدعوكم إلى قراءة مقدمة مقال الكاتب البحريني غسان الشهابي: “خليج الله”، المنشور في جريدة الوقت العدد 681 (2 يناير 2008):- ” في عام 1977، كنت على متن باخرة فالتقيت برجل عربي كان مفتوناً ببعض الأفكار، ومن بينها أن ما نسميه “الخليج العربي” اسمه في الأساس “الخليج الفارسي”، وأن تيار القومية العربية قد غير اسمه حديثاً وحرّفه عن مسماه التاريخي، مستشهداً بالكثير من الوثائق والخرائط التاريخية وما يطلقه عليه الأجانب – لا يزالون – من تسمية. حتى إذا قيل أمامهم الخليج العربي ترددوا برهة قبل أن يترجموها في أذهانهم بأنه الخليج الفارسي نفسه “.
الوثائق والخرائط التاريخية الموجودة في أرشيفات ومتاحف العالم منذ أكثر من 2500 سنة لبعض الرحالة والمؤرخين اليونان والفرنسيين والعرب، تثبت بأن اسم هذا الخليج هو “فارسي” وليس “عربي”.. وأن الاسم الثاني قد اقحم عنوة ، بعد ثورة يوليو1952 وظهور الحركات القومية العربية والتعصب القومي، حيث قام بعض قادة القوميين العرب بتبديل اسم الخليج الفارسي إلى الخليج العربي بجرة قلم!
أتوجّه بسؤالي المنطقي والمنصف إلى جميع أخواننا العرب: هل ترضون بالسكوت إذا قاموا بتبديل أسماء “بحر العرب” و “خليج عدن” إلى أسماء أجنبية جديدة؟!
الفيلسوف والمؤرخ اليوناني الشهير “آريانوس” وفي كتابه (الأناباز) يشرح بأن في العام 325 و326 قبل الميلاد، أبحر موفد الإسكندر الأكبر “نه آركوس NEARCKUS” من نهر السند إلى البحر في غرب الهند وثم إلى الخليج الفارسي. وفي كتاب “جغرافيا استرابون” للجغرافي اليوناني “استرابون” نقرأ بأن بلدان العرب تقع بين “خليج العرب” (البحر الأحمر) و “خليج فارس” (قديماً كان يسمى بحر فارس).
أمّا الفلكي والجغرافي اليوناني الكبير “بطليموس” في إحدى خرائطه عن ايران توجد كتابة “الخليج الفارسي” على المنطقة البحرية في جنوب ايران، وهذه الخرائط موجودة في متحف الإسكندرية. والرحالة المغربي الشهير “إبن بطوطة” يذكر اسم “الخليج الفارسي” في كتبه. وفي “أطلس إبتدائي للدنيا” (للمدارس المصرية) في العام 1922، نلاحظ اسم “خليج العجم” على الخريطة.
من وجهة نظري المتواضعة وانطلاقا من الحكمة والتوازن المصلحي للطرفين ، يكمن الحل العادل لهذه القضية المعقدة والمضرة بالعلاقات الاخوية المرجوة بين العرب وايران، بعرضها على محكمة العدل الدولية، الأمر الذي لا يكون سلساً إلا متى ما حدث تغيير جذري في النظام السياسي الايراني الحالي ، أي بعد تبديل نظام ولاية الفقيه الشمولي والرجعي في ايران إلى نظام ديمقراطي عصري وحضاري.. بجانب ضرورة تواجد العقلانية والواقعية من قِبل العرب. فحينئذٍ كل ما هو مطلوب هو: حضور مندوبي الدول الخليجية وايران، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، للبتّ في هذه القضية المزمنة، حيث ستتكفل المحكمة المذكورة بحلٍ عادل ٍ ونهائي للمعضلة هذه ( اسم الخليج)، مثلما قامت بحل النزاع الحدودي بين الجارين ، البحرين و قطر في 16 مارس 2001.