في أعقاب تولّي حسن روحاني رئاسة الجمهوریة، بادر أکبر هاشمي رفسنجاني رئیس هیئة تشخیص مصلحة النظام إلی الاتصال یومیاً تقریباً بوسائل الإعلام في إیران، وفي کل مرّة تزداد تصریحاته حِدَّةً وإثارة. وکان المذکور قد أدلی بتصریحات غیر مسبوقة مؤخراً دعا فیها المواطنین والناشطین السیاسیین بألا یهابوا السجن کـ «غاندي»، وهو موضوع تسبّب في إثارة ردّ فِعل قوات الأمن. ویُقال إن تقریراً حول «دعوة رفسنجاني للإطاحة بالنظام» قد تمّ تقدیمه إلی مرشد الجمهوریة الاسلامیة.
هذا وفي أحدث تصریحاته، وَجَّه رفسنجاني انتقاداته ضد أحمدي نجاد رئیس الجمهوریة السابق وقال: «لقد صَمَد حسن روحاني حتی الآن ولن یتراجع مطلقاً عن تحقیق ما وعدَ به».
الجدیر بالذکر أن أکبر هاشمي رفسنجاني أکّد خلال حواره مع صحیفة «إعتماد» الصادرة في طهران، علی أن في عالم الیوم، لیس بالإمکان قَطع العلاقات مع الآخرین، وفي الوقت نفسه ممارسة العمل معهم.
وحول حکومة حسن روحاني قال رفسنجاني: «إن الشعب یتوقّع من الحکومة أن تتّخذ التدابیر الخاصة لحلّ المشکلات الموجودة في البلاد، وقد نجحت في تحقیق بعض التقدُّم حتی الآن».
وفي هذه المقابلة الصحفیة، أعلن رفسنجاني أنه في الانتخابات الرئاسیة الأخیرة التي جرت في العام الماضي (2013م)، کان قد وعد بتأیید حسن روحاني وبعد فوز روحاني بمنصب رئاسة الجمهوریة، قال رفسنجاني له: «یجب أن تکون وفیّاً للوعود التي منحتها للمواطنین، لأن ذلک یُعتبر مبدأً إسلامیاً وإنسانیاً، وهو شرطٌ لکسب ثقة الشعب».
وأضاف رفسنجاني قائلاً: «إن روحاني لا یزال صامداً ولم یتراجع عن تنفیذ أهدافه».
وفي مقابلة صحفیة أخری أجرتها معه صحیفة «آرمان» قبل عدّة أیام، أشار رفسنجاني إلی أن رئیس الجمهوریة الإسلامیة الجدید یواجِه مشاکل داخلیة وخارجیة کثیرة، وأن الحکومة تسعی بقدر الإمکان إلی بَذل الجهود الممکنة لإزالة تلک المشاکل، وتعد برامجها واقعیة في الظروف الحالیة.
هذا وفي جزءٍ آخر من تصریحاته، انتقد رفسنجاني السیاسات التي تبنَّتها حکومة محمود أحمدي نجاد طیلة الثماني سنوات الماضیة، وقال: «لو کانت تتولّی شؤون البلاد، حکومة قادرة وصائبة التفکیر خلال تلک الفترة، لکانت البلاد قد حقّقت قفزة کبری علی طریق التقدُّم».
أما الانتقادات التي وجَّهها أکبر هاشمي رفسنجاني إلی تصرّفات الحکومتین اللّتین شکّلهما محمود أحمدي نجاد في الأعوام ما بین 2006م، و2014م، فهي کالآتي:
ـ ممارسة التصرّفات التي کان ینوي أحمدي نجاد من ورائها کسب «الشعبیة والتأیید لنفسه.
ـ إنتهاج سیاسة خارجیة غیر سلیمة.
ـ عدم توفُّر المدیرین الخبراء والمتمرسین في حکومته لتوَلّي شؤون السیاسة المحلیة.
وقال هاشمي رفسنجاني: إن هذه الأوضاع تمتدّ جذورها إلی ذلک «الانحراف» الذي بدأ في عام 2006م، أي مع بَدء فترة رئاسة جمهوریة محمود أحمدي نجاد.
هذا وانتقد رفسنجاني بیع الشرکات الحکومیة للقطاع الخاص في الأعوام الثمانیة الماضیة (عهد أحمدي نجاد)، وبخاصة بیع شرکة الاتصالات الإیرانیة (الهاتف والهاتف النقّال) إلی جهاز عسکري – أي إلی قوات حرس الثورة -، وقال: «إنهم انتزعوا من الحکومة إمکانیاتها الرئیسیة، وسَلّموها إلی أجهزة عسکریة لا تقبل أي إشرافٍ علیها، ولا تُقّدِم أیة تقاریر حول أوضاعها المالیة».
وأشار رئیس هیئة تشخیص مصلحة النظام إلی السیاسة الخارجیة في فترة رئاسة جمهوریة أحمدي نجاد وقال: لو کنّا قو واصلنا سیاستنا السابقة لکُنّا قد وصلنا إلی مرحلة «البترول مقابل الغذاء» أي نفس المصیر الذي تحقَّق في العراق وفي جنوب أفریقیا.
وحول المفاوضات الذریة الإیرانیة مع مجموعة دول 5+1، قال رفسنجاني: إن مواصلة الطریق مرتبطة بهذه المفاوضات، فلو کانت للأطراف الأخری نوایا حسنة، ولو أرادوا مُنّا ألا نتوجَّه نحو استحواذ الأسلحة الذریة، فلن نواجه أیة مشکلة».
واستطرد رفسنجاني قائلاً: لو کان في استطاعتنا أن نستلم حقّنا في هذه المفاوضات دون أن نمنحهم أيّ امتیاز اعتباطي، ولو تمّ الالتزام بالنُّظُم والقرارات الدولیة من قبل الجانبین، فإن الخطر سوف یزول».
وأشار رفسنجاني إلی أنه کان یعتزم خلال تولّیه رئاسة الجمهوریة، القیام بإصلاح الظروف السیّئة التي کانت تعاني منها السیاسة الخارجیة للجمهوریة الإسلامیة، ولهذا السبب تمّ البَدء بإزالة التوتّرات. وبطبیعة الحال فإن حسن روحاني علی علمٍ بأنه یجب أن یحلّ هذه المشکلة الهامة.
ومن جهة أخری، وحین جری انتخاب أحمدي نجاد لفترة رئاسیة ثانیة آنذاک، کان رفسنجاني رئیساً لمجلس الخبراء أیضاً (وهو المجلس الذي یختار مرشد النظام – حین یصبح هذا المنصب شاغراً -، کما یتم اختیار معظم أعضائه من رجال الدین الذین یجتازون سنّ الشیخوخة)، ولکن وفي أعقاب تأیید رفسنجاني ودَعمه للمواطنین المحتجّین علی نتائج الانتخابات الرئاسیة في عام 2009م، وإلقائه خطبة الجمعة في مراسم صلاة الجمعة آنذاک حیث أعرب فیها عن حمایته للمحتجّین، تعرّض المذکور لانتقادات الموالین لخامنئي، ونتیجة لذلک تمّت تنحیته من رئاسة مجلس الخبراء.
وحول هذا الموضوع قال رفسنجاني لصحیفة إعتماد: «إنني قُلُت ما أردتُ قوله في خطبة صلاة الجمعة في عام 2009م، ولا زِلتُ أؤکِّد علی ماقُلته».