وفي ظل هذه الظروف الراهنة التي يستخدم فيها المواطنون الإيرانيون وخاصة الشباب منهم الإنترنت بشكل واسع تكافح السلطات
الأمنية استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي حيث يسعى مستخدمو الإنترنت وتويتر وفيسبوك إلى استخدام برامج عدة لتفادي الرقابة المفروضة من قبل السلطات والأجهزة الأمنية. وفيما كانت حكومة نجاد ووزارة إعلامها والأجهزة الأمنية الأخرى تطارد مستخدمي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تسعى حكومة روحاني في الوقت الراهن إلى إزالة بعض العوائق من أمام مستخدمي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وكان وزير الإعلام والثقافة الإيراني علي جنتي قد أعلن مؤخرا عزم الحكومة الحالية علی إزالة العوائق والرقابة المفروضة على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي إلا أن خطابه هذا لقى معارضة شديدة من قبل المحافظين المتشددين في مجلس الشورى وكذلك رجال الدين وكبار المسؤولين في النظام.
وقد شهدت الآونة الأخيرة تحركات للحرس الثوري بهدف التمهيد للدخول إلى ساحة مكافحة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وأوردت صحيفة جوان التابعة للحرس الثوري في افتتاحيتها ليوم 18 مارس بقلم عباس نجاري، انتقادات لاذعة للوزير علي جنتي بسبب خطابه حول ضرورة إزالة الرقابة والحجب من على شبكات التواصل الاجتماعي معتبرا أن هذه خطوة ستؤدي إلى العصيان المدني والمواجهة على الصعيد الاجتماعي.
وحذّرت الصحيفة من خطر شبكات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيات الحديثة على هوية الإنسان وطريقة تفكيره وحياته والمواصلات وأشارت إلى ميزات وسلبيات المجال الافتراضي ومنها السعر الزهید والعناوين والأسماء الوهمية واحتمال التعرّض إلى الخطر وعدم التكافؤ وخطر النفوذ وغيرها وادعت أن ذلك سيؤدي إلى تشديد ظاهرة «نشر وتوزيع السلطة» وهو ما يؤدي إلى دخول لاعبين جدد ومنهم الأشخاص وأصحاب شبكات التواصل الاجتماعي وشركات القطاع الخاص والجماعات الإرهابية والإجرامية المنظمة إلى ساحة التنافس على السلطة والنفوذ بعد ما كانت لعبة الصراع على السلطة حكرا على الحكومات والدول.
وأشار الكاتب إلى قائمة تحت عنوان «تأثير تكنولوجيات التواصل الحديثة» وبحثها من عدة أوجه بما في ذلك ضرورة إعادة تعريف مفهوم الأمن بالنسبة للقضايا العسكرية والحدود الداخلية والخارجية نظرا لتطور المجال الافتراضي والتغيير في نمط حياة المواطنين الذي اعتبره تهديدا للأمن القومي الإيراني.
كما أشار إلى عجز الحكومات في مواجهة التهديدات والأضرار نظرا لإتساع رقعة التهديدات وتلاشي الحدود بسبب إزالة الحدود نتيجة المجال الافتراضي مؤكدا أن الأنظمة لا يمكنها استخدام الأساليب التقليدية والأمنية مثل قوات الجيش والشرطة والأمن لمواجهة التهديدات الجديدة.
وأشارت الصحيفة إلى تأسيس «المجلس الأعلى للمجال الافتراضي» بأمر من المرشد علي خامنئي وأضافت بأنه رغم مضي عامين على تأسيس المجلس وتقديمه خدمات قيمة في مجال توفير البنية التحتية لـ «الشبكة الوطنية للمواصلات» وإعداد الخطط والأنظمة الداخلية في الخصوص فإن الساحة تشهد مؤخرا وخاصة على الصعيد الإعلام والعمل عدم التلاءم في المواقف لدى مسؤولي النظام والحكومة في مواجهة التهديدات والأضرار الناجمة عن ذلك. وأعرب كاتب المقال عن حزنه لعدم استيعاب البعض لخطورة المرحلة الراهنة والتهديدات القادمة أو نفي البعض لضرورة الصمود وتحركهم نحو الخنوع والاستسلام لهذه الموجة من التهديدات التي وصفها بـ «التسونامي» الذي من شأنه تدمير المجال الثقافي والأمني للبلاد.
وتطرقت الصحيفة في مقالها الافتتاحي أيضا إلى التصريحات الأخيرة لوزير الثقافة والإعلام علي جنتي والتي أكد فيها ضرورة تغيير السياسات وإزالة العوائق والحجب والرقابة من أمام مستخدمي الإنترنت والفيسبوك وكذلك إزالة التشويش الذي تبثه الأجهزة الأمنية الإيرانية لغرض التصدي إلى القنوات الفضائية الموجهة من الخارج.
واعتبر الكاتب أن التجاهل والانتقاد السافر من قبل البعض للحد الأدنى من الأداء والخطوات والإجراءات الوقائية المتخذة ضد الهجوم الثقافي الذي يستهدف إيران سيؤدي إلى العصيان المدني وتمهيد الأرضية للمواجهة والتعارض الاجتماعي في البلاد.