وأخيرا اعترف الغرب بأن ما يجري في البحرين ليس ثورة ولا ربيعًا عربيًا ولا مطالب ديمقراطية.. بل ميليشيا ايرانية انقلابية مسلحة.
كم كانت أزمة قاسية عاشتها المملكة الهادئة على ضفاف الخليج العربي، ست سنوات كاملة قضتها في أجواء من الفوضى، والتفجير، والتخريب، ست سنوات والبحرين تصرخ بأعلى صوتها: ليست ثورة ولا احتجاجات سلمية وإنما أعمال شغب مدعومة من إيران، لكن النظارة الغربية كانت سوداء لا ترى إلا ما تريده من الصورة، وزاد الطين بلة تخلي إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما سيئة الذكر عن أقرب حلفائها ومركز الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، وتعاميها عن كل الحقائق على الأرض، لكن ها هي الحقائق تظهر أخيراً لدى الحكومات الغربية نفسها، وتعترف للمرة الأولى بأن ما يحدث ليس سوى أعمال إجرامية تسعى من ورائها إيران لتشكيل ميليشيات تابعة لها في البحرين.
فبحسب ما كشفته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، من وثائق ومقابلات مع مسؤولي مخابرات سابقين وحاليين عن برنامج تدريبي تفصيلي من تدبير الحرس الثوري الإيراني لتدريب عناصرها من البحرينيين على تقنيات صنع القنابل المتطورة وحرب العصابات، ويرى المحللون الأوروبيون والأميركيون الآن تهديداً خطيراً على نحو متزايد، حيث تنشأ خلايا مسلحة مدججة بالسلاح تموّلها وتسلّحها إيران، وفقاً لما يقوله هؤلاء المسؤولون.
ويضيف التقرير الاستخباراتي، الذي اطلعت عليه الصحيفة أنه تم اكتشاف أيضاً «مجموعة واسعة من الأسلحة المتطورة على نحو متزايد – الكثير منها يرتبط بإيران – في البحرين على مدى السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك كمية كبيرة من المتفجرات من الدرجة العسكرية التي يكاد يكون من المؤكد أنها صُنعت في إيران، وفقاً لمسؤولي مخابرات أميركيين وأوروبيين».
بطبيعة الحال كل ما تعتبره الاستخبارات الغربية مفاجأة كبرى اكتشفتها للتو، هو أمر معروف وواضح بالأدلة والبراهين منذ اندلاع أعمال الشغب في البحرين في فبراير (شباط) 2011، مع استغلال إيراني مفضوح لهذه الأعمال لتقدمها وكأنها نسخة أخرى مما يعرف بـ«الربيع العربي»، بل إن النظام الإيراني بنفسه ما فتئ يعترف بذلك، ولعل آخر الإيرانيين الفاضحين هو الجنرال سعيد قاسمي أحد قادة الحرس الثوري عندما سمى في مارس (آذار) 2016 علناً البحرين «محافظة إيرانية انفصلت عن بلاده نتيجة للاستعمار»، مضيفاً أن إيران هي الآن قاعدة «لدعم الثورة في البحرين». الاعتراف الغربي الرسمي المتأخر بأن ما يحدث في البحرين لا هو ثورة ولا هو «ربيع عربي» ولا هم يحزنون، ليس إلا فشلاً غربياً جديداً في قراءة وتحليل واتخاذ القرارات فيما يخص المنطقة. صحيح أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسعى لإعادة الأمور إلى نصابها،
كما في قرارها اللافت مؤخراً بفرض عقوبات على شخصين بحرينيين وضعتهما ضمن القائمة الأميركية للإرهابيين، وكذلك إشارة وزارة الخارجية الأميركية بوضوح إلى أن تصنيف الرجلين جاء «بعد تصاعد هجمات المتمردين في البحرين، حيث قدّمت إيران أسلحة وتمويلاً وتدريباً للمتمردين»، إلا أن المملكة البحرينية خسرت كثيراً وهي تعاني لست سنوات من منظمات وجمعيات وبرلمانات غربية اعتمدت على مواقف حكوماتها الخاطئة، ما أدى إلى تبرئة الجاني وتجريم الضحية، وتسبب في ضغط دولي غير مبرر كان بالتأكيد وراء استمرار الأزمة في البحرين كل هذه الفترة الطويلة وتعقد المشهد البحريني، والذي، مرة أخرى، لم يكن ثورة، بل أعمال شغب مدعومة تمويلاً وتسليحاً من النظام الإيراني.
الاعتراف الغربي وإنْ كان متأخراً جداً، إلا أنه فرصة للبحرين لمواجهة كل تلك المنظمات الحقوقية والإنسانية التي سنت سكاكينها وتركت كل انتهاكات حقوق الإنسان الحقيقية في كل مناطق الصراع في العالم وركزت فقط على ما يحدث في البحرين، فما بني على باطل فهو باطل. آن الأوان لمواجهة تلك المنظمات بسلاحها التقارير الاستخباراتية التي طالما ما تذرعوا بها، حتى ولو كان ذلك، في معظمه، لأهداف سياسية لا حقوقية