لا يتواجد الإرهابيون في مكان ما، ما لم تتهيأ لهم مسبقاً بيئة حاضنة، فالحيوانات لا تلد صغارها إلا بعد أن تهيئ لهم مكان الولادة المناسب والآمن وتحصنهم به، إما في جحر أو مأوى يقيهم الاعتداء أو قسوة الجو. وبرأيي وجد الإرهابيون في الكويت بيئة حاضنة صالحة ليترعرعوا فيها وفرها لهم بعض أطراف الإسلام السياسي والمتطرفون التكفيريون الذين جاهروا بالاستحواذ على الوطن وأساءوا إلى الدولة بمؤسساتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحاولوا إسقاط هيبتها. ولما فشلوا راحوا يقيمون الندوات سرا وعلانية للعودة بأسلوب جديد يضمن لهم الفوز ويحقق الانتقام فاندس في أحضانهم المتربصون بالوطن أعوان داعش، وفيهم أساتذة جامعيون وفيهم نواب وفيهم كتاب ورجال دين يجاهرون بالإشادة بما يقوم به داعش كمجاهدين، وربما سيجد الدواعش في أحضان هؤلاء الدفء والعطف والدعمين المادي والمعنوي، ومع ذلك فقد كان المعنيون يلتزمون الصمت أمام حالة توفير البيئة الحاضنة، وفي مقالات سابقة نبهت إلى ذلك منذ أشهر ومنها مقالة «الإرهاب على الأبواب»، ولم تتحرك الحكومة كما ينبغي، لكن اليوم لا ينبغي الاستمرار في الصمت وصم الآذان، وها هم طلائع داعش باتت في أحضاننا وتأتينا من الشمال ومن الجنوب، وما لم نطهر البيئة الحاضنة لهؤلاء ونقتلعها فإنهم سيتكاثرون ويكونون وباء لا شفاء منه يهدد كيان الدولة.
إن الخلايا الإرهابية التي ضُبطت، سواء في الكويت أو دول الجوار، تعني أن الأمر بات يحتاج إلى تكاتف أبناء الوطن المخلصين كافة إلى جانب المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمعين المدني والإعلامي، وتكوين حالة استنفار عام لكشف الدواعش وأعوانهم، ثم استئصالهم وتطهير البيئة الحاضنة لهم. لقد وشت بهم علانية أفعالهم وأقوالهم، سواء في ندواتهم واجتماعاتهم أو في كتاباتهم، فلم السكوت عنهم؟!
اعتقد ان الكويت ستكون الخاصرة الرخوة التي سيداهمها الدواعش عندما يطردون من العراق، وسيفتح هؤلاء لهم الأبواب أشبه ما حدث في حصان طروادة، لا سيما نحن مقبلون على الانتخابات في العام المقبل، وكثير من المتعاطفين مع داعش ينوون الترشح وإعادة الكَرَّة ثانية. والغريب في الأمر أن من يدعي حرصه على الدين والتدين نراه اليوم ينبري مستهجنا قانون العزل السياسي للمدانين بقضايا الإساءة للدين وللأمير رمز سيادة الدولة والوطن.
نقلا عن: ایلاف