تتقاطر المبادرات وتتناسل الوساطات لإنهاء الأزمة مع قطر؛ أزمتها مع جيرانها الأقرب لها العجم والروم (التسمية المحلية القديمة للإيرانيين والأتراك).
على ذكر الأتراك فإن الرئيس التركي إردوغان كان واضحا في الانحياز للرواية القطرية منذ دخوله على الخط، وهذا ربما يضعف مصداقيته في الوساطة، لأنه قال بصراحة إن قطر مظلومة، ولا تجوز محاسبتها.
يعني أن السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ومعها الأردن وموريتانيا وبعض الدول الأخرى، كلها لا برهان لديها على قطر؟!
على كل حال وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، أكد من الكويت، بعد زيارته الدوحة، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول، أن «الأزمة يجب أن يتم تجاوزها حتما، يجب أن يتم تجاوزها عبر الحوار والسلام، تركيا ستساهم في ذلك».
كل التوفيق للمسعى التركي، لكن أظن أنه لن يكون أكثر مصداقية ولا فهما ولا صلة «عضوية» من الكويت، الدولة المؤسسة للمنظومة الخليجية، والتي لم تنجح مساعيها، حتى اللحظة، رغم التقدير الكبير الذي يحظى به أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، من قبل إخوانه قادة الخليج.
ليس ذلك بسبب «التعنت» السعودي الإماراتي البحريني، ومعهم مصر وبقية العرب والأفارقة، بل لأن «لبّ» المشكلة لم يذهب إليه أحد حتى الآن. المشكلة ليست «هواجس»، يقول لنا وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد إن قطر مستعدة لتفهمها!
ليست هواجس، بل براهين مادية، وتاريخ ممتد، وسجل حافل، لم يكشف عنه كله، والمطلوب ليس «الاطمئنان» بل إلزام الدوحة بالكفّ عن هذه السياسات والجهود، المعلومة، والضارّة.
وكما قال السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، بجريدة الاتحاد: «ماذا على قطر أن تفعل؟ أولا عليها الاعتراف بما يعرفه العالم بالفعل: أن الدوحة أصبحت مستودعا ماليا وإعلاميا وآيديولوجيا للتطرف. ثم عليها اتخاذ إجراءات عملية حاسمة للتعامل بشكل نهائي مع مشكلة التطرف لديها».
ليست تركيا الإردوغانية فقط من يريد التهوين من المشكلة، حتى الدول الأوروبية، بحجة توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب!
وكأن الخطاب السعودي والإماراتي والمصري والبحريني واليمني مختلف مع الدوحة لسبب آخر غير هذا؟!
كلنا نريد الخير لأهل قطر، ولدولة قطر، في النهاية هم جزء من نسيج الخليج الواحد. لكن «كشف الحساب» مع السياسات القطرية منذ عشرين عاما أوصلنا لهذا اليوم.
هل لدى الوسطاء القدرة على «الإصغاء» جيدا لسبب الغضب؟ ثم هل لديهم الفهم ذاته عن خطورة الفوضى السياسية وتعزيز مناخ الفتن؟ إذا كان لديهم هذا الحسّ فلن يشق عليهم حمل الدوحة على النهج الرشيد، خير لهم ولجيرانهم وللعالم أجمع.
نقلاعن ایلاف