کان رجال الدین الحاکمون في جمهوریة ولایة الفقیه قد منعوا ومنذ البدایة، بثّ الأغاني النسائیة عبر الإذاعة والنتلفزیون ولذلک لم یُسمع صوت أية مطربة منذ ثلاث وأربعین سنة من وسائل الإعلام الإیرانیة. بعض رجال الدین یحرمون الموسیقی بشکل أساسي ویعارضون حتی بثّ الأصوات الرجالیة ولکن علی الرغم من ذلک یتمّ بث أغاني الرجال بذریعة أنها أناشید إسلامیة وطنیة. وفي فترة خاتمي وحدها سُمح للفنانات بإقامة حفلات خاصة بالنساء في القاعات الحکومیة واستطاعت بعض الفنانات إقامة حفلات خاصة بالنساء ولکنّها توقفت تدریجیاً. والآن بعد أن جاء حسن روحاني ممثلاً لـ«حکومة الاعتدال» طالبه أهل الفن والموسیقی بالسماح ببث الأصوات النسائیة. فقد طالب داریوش بیرنیاکان، الفنان والموسیقي والملحن الشهیر، طالب الفقهاء بتوضیح المعاییر التي حرموا الموسیقی علی أساسها. فقد وصف داریوش بیرنیا، عضو مجلس الإدارة والمجلس التأسیسي لبیت الموسیقی، في الحفل الذي أقیم بمناسبة الذکری الرابعة عشرة لتأسیس بیت الموسیقی، وصف المناخ المسیطر علی المشهد الموسیقی في إیران بالشتاء. وقد طالب السلطات الثقافیة في البلد بتحدید مصیر الموسیقی.
بیرنیا الذي تعهّد بألا یقرأ بیاناً وأن یطرح مشاکل الموسیقی بلغة بسیطة وصریحة؛ أشار إلی ذکریات الطفولة، وقال:طلب منا معلمنا في المدرسة الابتدائیة أن نكتب شيئا حول فصل الشتاء وأنا اخترت البیت الذي سمعته من أبي عنواناً لإنشائي وهو«لقد شُقّ لحاف السماء وبدأ یمطر قطناً من هذا اللحاف القدیم» وکتبت عن المعاناة والأضرار التي یخلّفها الشتاء للمشردین والفقراء. ولکنّ معلمنا، وبدل أن یشجعني، عمد إلی معاقبتي بالعصا. وفي نفس الوقت الذي کنت أشعر به بضربات العصا علي یدي کنت أقول في نفسي إني لن أغیّر هذه الصورة عن الشتاء في ذهني مهما ضربني المعلم. أما قضیة الموسیقی في بلدنا فهي في فصل الشتاء منذ 34 عاماً. کما انتقد التکالیف الباهظة لقاعات الحفل وقال: لماذا عندما تصدر وزارة الثقافة ترخیصاً لتنظیم حفل في محافظة أو مدینة فإنّ مدیر دائرة الثفافة في تلک المدینة أو المسؤولین الآخرین یتجاهلون هذا الترخیص ویمنعون تنظیم الحفل؟ وقد حدث هذا الأمر لحفلاتي مرات عدیدة حیث أُلغیت قبل تنظیمها بلیلة واحدة.
فعلی سبیل المثال عندما سألت عن سبب إلغاء الحفل الذي کان من المقر تنظیمه في جامعة شیراز قالوا إنّ الجامعة تُعنی بالأمور الثقافیة ولیس الموسیقی. ثم أشار العضو في مجلس إدارة بیت الموسیقی إلی المواقف السلبیة للإذاعة والتلفزیون تجاه بثّ الموسیقی في سنوات ما بعد الثورة، وقال: لا زال التلفزیون لا یظهر الآلات الموسیقیة، لماذا؟ هل یعتقدون إنّ الموسیقی حرام؟ لماذا لا یوجد أي برنامج خاص بالموسیقی علی شاشة التلفزیون؟ ولماذا لا تُبثّ قطعة موسیقیة بشکل کامل ولا یتمّ التعریف بهویتها. وقد وجّه خطابه إلی الفقهاء قائلاً :علی الفقهاء أن یُجیبوا علی تساؤلاتنا وتساؤلات عدد کبیر من النشطاء في المجال الموسیقي؟ لا یمکن تجاهل هذا العدد الکبیر، لا بدّ أن یُقرّروا مصیرنا. من قال إنّ الموسیقی حرام؟ یقول الدکتور شریعتي:« لیس هناک أي دلیل یشیر إلی حرمة الموسیقی و لذلک فإنّها إلی جانب أنّها غیر محرّمة فإنّ عزفها علی هیئة أورکسترا یُعدّ عملاً إبداعیاً».
وأضاف هذا المخضرم في المجال الموسیقی: سُئل آیة الله نائیني عن الصوت المحرم، فقال: صوت الملعقة عند اصطدامها بالقدر عندما یسمعه جارک الفقیر، الجائع. فلماذا لا یثبت علماؤنا الیوم دلیل حرمة الموسیقی وعلی أية وثیقة دینیة یعتمدون في تحریمهم للموسیقی؟ لا یمکن تجاهل الموسیقی وأهلها بهذه البساطة وبدون دلیل مقنع. هذا وقد ذهب بیر نیاکان في انتقاداته إلی أبعد من ذلک وقال: أحد مطالب بیت الموسیقی هو أن یتم السماح للصوت النسائي بالبث. وذلک یعدّ من حقوقهن. فالنساء یشکّلن نصف النشطاء الموسیقیین في البلد. إنّ قسماً کبیراً من طلاب الموسیقی لا سیما طلاب الأستاذ شجریان من النساء، فمتی تستطیع هؤلاء النسوة أن یُغنین وأین؟