الارهاب .. من أجل أم ضد الاسلام؟ /عمر الخطيب

 
هل صُدِم احدنا عندما سمع بالهجوم الانتحاري الإرهابي ضد سانت بطرسبيرغ في روسيا؟ او الهجوم الجبان في السويد؟
في هذا المقال المقتضب سأحاول ان اناقش قضايا مهمة تأخذ حيزاً من عقل كل واحد منا وقلت في نفسي ربما حان الوقت لفتح هذه الصفحة المؤلمة في قلوبنا ومناقشتها بشفافية وتجرد وعلم ان تقبّل بعضنا ذلك.

الموقف الروسي:
بادئا ذي بدء، لست في صدد تحليل الموقف الروسي المُخزي وموقف بوتين خاصة من القضية السورية وكلنا نعلم ان يد بوتين تلطخت بالدماء السورية الزكية لأسباب لانعرفها، كذلك انتحاره الغير مفهوم في دعم جبابرة وقتلة مثل نظام بشار والنظام الايراني، في الوقت الذي كان يستطيع فيه التقارب مع العرب اكثر والتحالف معهم لو انه يفهم قليلاً في السياسة وفي علم الجيوبوليتيك لكنه ليس سوى عميل من عملاء الكي جي بي تم تدريبه على نظرية المؤامرة التي يعيش معها طيلة حياته والان اصبح يقتنص كل معارضيه في الداخل والخارج دون ان يرتجف له جفن.

روسيا نفسها كانت يوماَ تقف مع صربيا التي كانت تذبح المسلمين في البوسنة والهرسك، ووقفوا مع صدام وايران وكوريا الشمالية ومع كل جزاري العصر، لكن كي لاننخدع فالوقوف الروسي مع هؤلاء معنوي وربما يتبعه تصويت في مجلس الامن لا اكثر ولا اقل، بمعنى ان روسيا لم تدعم العرب يوماً بسلاح له قيمة بل كانت دائما تعطينا الفتات من اسلحتها المتهرئة البالية التي تعتبر متأخرة جدا عن مثيلاتها الاوربية والامريكية، ومع ذلك تجد القادة العرب يتقاطرون نحو موسكو لأسباب لا اعرفها حقيقة!

لكن هذا لايعني اننا نقبل ان يقوم احد الارهابيين بقتل الابرياء في روسيا او اي مكان في العالم بحجج مختلفة لايُفهم معناها وتبريراتها الا ان هؤلاء اناس خطرون جدا واستغلوا التسامح معهم ابشع استغلال.

شروط الجهاد:
قيل لهذا الذي فجّر نفسه انه يقوم بعمل بطولي ان هو قتل اكبر عدد من النساء والأطفال في أي دولة في العالم، اذ الهجمات ليست موجهة ضد احد، بل هي عملية اقتناص لاكبر عدد من الأبرياء لتحقيق سبق صحفي والحصول على موطيء قدم على المسرح السياسي والعسكري في العالم. من الذي يمول لانعرف لكن هناك إشارات هنا وهناك لبعض الممولين المفترضين وعموما لو كان لديك الكثير من المال فستستطيع ان تعبيء عدد من العملاء الذين سيعملون لديك بشُبَه مختلفة وقضايا متعددة حتى لو كنت كذاباً اشر وقضيتك خاسرة لايمكن ان تعبر على أي انسان أي كان مستوى تفكيره، ذلك ان للمال والكذب سحره ومريديه.

لو قرأنا كتاب الله فسنجد ان الله يقول (وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين)، أي ان من يَقتُل بغير حق فأن حسابه لن يكون هيناً عند الله، اضف لذلك ان الرسول عليه الصلاة والسلام نبه على منع مقاتلة وقتل النساء والأطفال في الكثير من الاحاديث الصحيحة اضف الى ذلك كله انه عليه الصلاة والسلام ضرب لنا مثلاً في الفروسية عندما قال (لاتغدروا عدوكم). فماذا فعلت السويد بالله عليكم سوى انها اوت الالاف من العراقيين والسوريين وحمتهم من القتل والدمار على يد بني جلدتهم!
بالله عليكم هل يوجد فروسية اكثر من ان لايغدر المرء عدوه. بالطبع هناك فرق كبير بين الخدعة في الحرب والغدر في السلم، اذ يستعمل الإرهابيين ادلة مخالفة تماما لما يقومون به ويقيسون عليها قياساً بعيدا جدا لايبرر افعالهم التي يندى لها جبين الانسانية، لسببين الاول هو اننا لانحتاج ان نغدر عدونا اذ كنا اعزة واقوياء عندما لم نسمح للتشدد والتطرف بالولوج الى المساجد، وهكذا ضل الحال قرونا عدة في الدولة العباسية التي بنت بغداد العظيمة التي كانت اقوى عاصمة في العالم على مر التاريخ من ناحية العلم والتسامح والبحث العلمي، وثانيا ان الغدر لايأتي بخير ابدا بل سيُضعف الامة ومنه ان احد الصحابة يوم الخندق اقترب من ابوسفيان قبل ان يُسلم، وكان يستطيع قتله الا انه انتهى لانه تذكر قوله عليه الصلاة والسلام (لاتؤلبهم علينا)، أي لا تُصب الكافر إصابة تجعله يستميت للنيل منا، وهذا عين مايحصل اليوم اذ يتفنن الارهابيون في تأليب وتقوية الأعداء والأصدقاء علينا حتى اصبحنا بموقف صعب جدا لانحسد عليه.

كيف ولد الإرهاب؟
هذه الأفكار التي نمت وترعرت بسبب الجهل وتداول الفتوى بين أناس ليس لهم في الفتوى أي علم او مرجع هو ماتسبب في مايجري اليوم من فوضى دينية إسلامية، بل ان الكثير من المساجد تحولت الى مصانع لتفريخ الفكر المتشدد الغير متسامح والشاذ الذي يجعل من المسلم دمويا عنيفا بطبعه دون ان يلتفت الى مافي كتاب الله من رحمه وتوصيات نحو تصرف حكيم موزون ومعقول مع التحديات التي قد يتعرض لها المسلم.

خطورة الموقف تكمن أيضا ان العلماء حتى من نرجع اليهم في دولنا يفتون فتاوي تجعل من المسلم ضعيفا هشاً ماديا متواكلا على الله وغير متوكل وهناك فرق شاسع بين التوكل والتواكل كما بينه عمر بن الخطاب رحمه الله، ويجب ان نستحضر ونستذكر أستاذ التوكل أبو بكر الصديق رحمه الله الذي علّم الانسانية التواضع والرحمة والحزم في نفس الوقت عندما اخذ بالاسباب واستعمل خالد بن الوليد سيف الله المسلول، اذ سامحه على تصرفات رأى أبو بكر ضرورة التسامح معها تغليبا للمصلحة العامة، ثم رأى ان المهمة لاتتم الا برجل مثل خالد وهكذا كان فخالد هو من أوقف الفتنة وسد بابها أيام الردة وجعل دولة العرب عزيزة ومتوحدة.

أيها الاخوة اننا اليوم امام فكر خطير جدا تسبب بولادة مصاصي دماء هم اعدائنا الحقيقيون وسيدمروننا ان تسامحنا معهم، بل هناك احتمالية انهم طابور خامس ينشر التشدد والتطرف لتدميرنا عن بكرة ابينا عن قصد وإعطاء الحجة لاعدائنا لضربنا حتى لن تقوم لنا قائمة ابداً.

موقف المواطن الغربي:
يعول الفكر المتطرف على تسامح اوربا مع الأفكار الهدامة بدعوى “حماية حق التعبير”، فتجد ان من يدعمون العمليات الإرهابية ويبررونها بالعشرات بل بالمئات في اوربا وأصبحت إنكلترا واوربا وكر لهؤلاء المتطرفين الذين استغلوا حرية التعبير ابشع استغلال بل اصبحنا نحن أيضا نشك ان التسامح مع هؤلاء ورائه ماورائه، فعلينا ان نفتح اعيننا ونراقب الأفكار التي تنتشر بين الشباب ونعمل على نشر اسلام شجاع وقوي ومقتدر لكنه معتدل ومتسامح لايرى اللحية والمظاهر الإسلامية القديمة هي الأساس بل الأساس هو التعامل الحسن والخلق القويم وماوقر في القلب والعقل من حفظ امانة وعهد والتزام بالاركان، ليس بعد ذلك شيء، ومن اراد ان يتنطع ويوغل في الدين بأكثر مما يتطلب فعليه وزره ونحن مما يفعل براء، وكما قال عليه الصلاة والسلام (ان هذا الدين متين فأغلوا فيه برفق) ومعنى الحديث لاتغلوا في الدين اكثر مما يجب، بالطبع المتشددين يفسرون هذا الحديث بغير التفسير الحقيقي وهكذا حالهم مع كل النصوص.

نقلاعن ایلاف