تركيا.. من أتاتورك إلى أردوغان/ عادل محمد


رجب طيب أردوغان المصاب بجنون العظمة يهدف إلى القضاء على إرث مصطفى كمال أتاتورك أب تركيا الحديثة الذي أسس الدولة العلمانية في تركيا عام 1928 مع تعديل الدستور التركي لعام 1924 الذي أزال سطر “دين الدولة هو الإسلام”. فيما بعد جاءت إصلاحات أتاتورك مجموعة من المتطلبات الإدارية والسياسية لخلق التحديث والديمقراطية ودولة علمانية تتماشى مع الإيديولوجية الكمالية. بعد تسع سنوات من الأخذ به، علمانية (صفة) ورد صراحة في المادة الثانية من الدستور التركي في 5 فبراير، 1937. الدستور الحالي التركية لا تعترف في الدين الرسمي ولا تشجع أي من مواطنيها الاشتراك فيها. وهذا يشمل الإسلام، والذي لا يقل عن أبعاده أكثر من 99% في تركيا “العلمانية” لا تدعو إلى الفصل الصارم بين الدين والدولة، ولكن يصف موقف الدولة باعتبارها واحدة من “الحياد النشط”. تركيا والإجراءات ذات الصلة مع الدين وتحليلها وتقييمها بعناية من خلال رئاسة الشؤون الدينية (الإنكليزية : رئاسة الشؤون الدينية). واجبات رئاسة الشئون الدينية هي “الانتهاء من تنفيذ الاعمال المتعلقة بالعقائد والعبادات، وأخلاق الإسلام، وتنوير الرأي العام حول دينهم، وإدارة الأماكن المقدسة للعبادة”.

العنجهية والغطرسة الأردوغانية هو سبب تنامي القوة الإسلامية الإخوانية في القرار السياسي والعسكري التركي!.

———-
أردوغان يواصل “حربه” ضد العلمانية في تركيا بإطلاقه وعدا بمنع مساكن الطلاب المختلطة
اعتبر محللون أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد فتح فصلا جديدا في “حربه” ضد العلمانية بإطلاقه وعدا للعمل على منع مساكن الطلاب المختلطة. لاسيما أن قانونا يقيد بيع الكحول واستهلاكه قد صدر قبل أشهر، وتلاه إصدار مرسوم يجيز ارتداء الحجاب في الوظائف الرسمية. تركيا أغلبيتها الكبرى من المسلمين لكنها علمانية بحسب الدستور منذ 1937.

فتح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان جبهة جديدة في الحرب بين حكومته الاسلامية المحافظة وعلمانيي تركيا باطلاقه وعدا بالعمل على منع مساكن الطلاب المختلطة باسم الدفاع عن الاخلاق.

وبعدما تم التطرق الى هذا الملف في اجتماع مغلق لحزبه العدالة والتنمية شن اردوغان هجومه علنا امام البرلمان الثلاثاء، حيث بدأ عدد من النواب النساء منذ اسبوع بالحضور الى البرلمان محجبات.

وقال اردوغان في كلمته الاسبوعية امام نواب حزبه “لم ولن نسمح باختلاط الفتيات والفتيان في مساكن الدول

واضاف “يمكن ان تحدث امور كثيرة عند الاختلاط. اننا نتلقى شكاوى من العائلات التي تطالبنا بالتدخل”. كما اوصى ادارات المحافظات الـ81 في البلاد للعمل على هذه المسألة.

وافاد مصدر رسمي ان 75% من مساكن الطلاب التي تديرها مؤسسة يورتكور الرسمية تفصل بين الشبان والشابات، ويفترض الا يبقى اي منها مختلطا مع مطلع 2014.

لكن رئيس الوزراء سبق ان اكد انه لن يكتفي بذلك. ففي كلمته الثلاثاء تحدث عن فكرة توسيع معركته لتشمل مساكن الطلاب الخاصة والسكن المشترك.

وصرح امام نوابه “لا يمكن للطلاب والطالبات الاقامة في المنزل نفسه، هذا مخالف لبنيتنا المحافظة الديموقراطية”.

في بلاد اغلبيتها الكبرى من المسلمين لكنها علمانية بحسب الدستور منذ 1937 شكل كلام اردوغان مفاجأة للطلاب.

وصرح احمد طالب القانون البالغ 22 عاما ويقيم في مسكن للطلاب في انقره “لدينا اصلا مساكن منفصلة ذات مداخل منفصلة ولم يحدث اي شيء غير معتاد حتى الان عندما ناكل معا في المطعم الجامعي”.

واضاف “اننا بالغون ويحق لنا التصويت لكن لا يحق لنا ان نكون معا رجالا ونساء، هذا امر مثير للسخرية”.

ولا يعتبر المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق المرأة او عن العلمانية مبادرة رئيس الوزراء امرا مضحكا. فمنذ يومين وهم يكثفون الانتقادات لمثال اخر على مساعيه “لاسلمة” البلاد.

وصرح كمال كيليتشيدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري اهم حزب معارض الثلاثاء ان “نية اردوغان الحقيقية هي انهاء الاختلاط في التعليم بشكل عام”.

وذهب اخرون ابعد من ذلك. فبعد صدور القانون الذي يقيد بيع الكحول واستهلاكه والذي غذى الاحتجاجات ضد الحكومة في حزيران/يونيو ثم المرسوم الاخير الذي يجيز وضع الحجاب في الوظائف الرسمية ندد هؤلاء باجندة حزب العدالة والتنمية المخفية.

وصرحت بيرسان تيمير التي تراس جمعية نساء الاناضول “تحت اعيننا تتحول الجمهورية التركية الى دولة اسلامية”. وتابعت ان “الجمهورية العلمانية كما كنا نعرفها تختفي تدريجيا”.

وفيما تثير هذه القضية غضب خصوم اردوغان يبدو انها تثير الاضطراب في صفوف اكثريته. واكد نائبه بولنت ارينتش الذي يعتبر اكثر اعتدالا ان الحكومة “لا تنوي على الاطلاق مراقبة” مساكن الطلاب، قبل صدور نفي رسمي لاقواله.

ومنذ يومين بدا خبراء يشيرون الى الصعوبات القانونية التي اثارتها مبادرة رئيس الوزراء. فكيف يمكن للدولة التدخل في شؤون طلاب بالغين ان قرروا العيش معا فيما يضمن الدستور التركي بوضوح المساواة بين الجنسين والحريات الاساسية؟.

لكن نائب رئيس الوزراء بكير بوزداغ استبعد هذه الحجة مؤكدا ان “رئيس الوزراء لم يفعل اكثر من الاعراب عما يفضل…هذا ليس تدخلا في الخصوصيات”.

واكد اردوغان نفسه تصميمه برده على صحافية الثلاثاء بنبرة جافة “ان كان علينا تعديل القوانين فسنعدله”.ا

نقلاً عن أ ف ب

———-

العلاقة بين أردوغان وكولن من التوافق للعداء
يعتقد كولن أن الديمقراطية هي أفضل حل؛ ولهذا يكن عداء للأنظمة الشمولية في العالم الإسلامي، ويرى مراقبون أنه بالرغم من أن أربكان ينظر إليه بوصفه أستاذا لأردوغان، فإن تجربة حزب العدالة والتنمية في الحكم تشير إلى أن كولن هو أستاذ أردوغان الحقيقي.
بدأت الصراعات بين كولن والسلطات التركية حيث غادر الأول إلى أمريكا دون أسباب معلنة، وفي 18 يونيو 1999 تحدث في التلفزيون التركي، وقال كلاما اعتبره البعض انتقادا ضمنيا لمؤسسات الدولة التركية، وبعد ذلك بدأ المدعي العام للدولة تحقيقا في تصريحات كولن، وساعتها تدخل رئيس الوزراء التركي آنذاك بولنت أجاويد ودعا الدولة إلى معالجة الأمر بهدوء، بدلا من فتح الموضوع للنقاش على المحطات التلفزيونية التركية، كما دافع عن كولن وعن مؤسساته التعليمية وقال: “مدارسه تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرف تركيا بالعالم، مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات”.
بعد ذلك اعتذر كولن علانية عن تصريحاته، إلا أن بعض العلمانيين ظلوا متشككين في أهدافه، ولاحقا وجهت له اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.
تحريضه ضد النظام
بعد تلك الأزمة حدثت أزمة لقطة الفيديو الشهيرة التي بثت على اليوتيوب وظهر فيها كولن وهو يقول لعدد من أنصاره أنه سيتحرك ببطء من أجل تغيير طبيعة النظام التركي من نظام علماني إلى نظام إسلامي، كما تحدث عن نشر الثقافة التركية في أوزبكستان، مما أثار موجه غضب في الجيش التركي وباقي المؤسسات العلمانية في البلاد.
كما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين تركيا وأوزبكستان دفعت بولند أجاويد للتدخل مجددا في محاولة لحلها.
وقال أجاويد آنذاك: “الرئيس الأوزبكستاني لديه مخاوف غير مبررة تتعلق بتركيا، وإن تركيا لا تتدخل في الشئون الداخلية لأوزبكستان، لا يمكن أن نسمح بالإساءة إلى العلاقات بين البلدين بسبب مخاوف غير ضرورية”، لكن أوزبكستان قررت إغلاق عدد من المدارس التابعة لكولن، ويبدو أنه خلال هذا الوقت كانت المؤسسة العلمانية في تركيا بدأت هي أيضا تستشعر قلقا متزايدا من كولن ومؤسساته التعليمية، فأصدرت هيئة التعليم العالي في تركيا قرارا يقضي بعدم الاعتراف بالشهادات العلمية التي تعطيها مدارس كولن، لكن هذا القرار كان مؤقتا.

موقفه من القضايا التركية
قدم كولن آراءه حول القضايا التركية، بدءاً من تحقيقات الفساد والرشوة وتبييض الأموال، وانتهاءً إلى القضية الكردية. وفيما يتعلق بقضية الفساد الكبرى التي تمّ الكشف عنها في أول العام الجاري: “لا يشك أحد في وجود فضيحة فساد أبداً، بل هذا أمر أجمع عليه الرأي العام في تركيا؛ لذلك ليس بمقدور أحد تغيير هذه الحقيقة والتستّر عليها”، وتطرق كولن إلى حركة التصفية والنفي والتشريد الشاملة في صفوف الكوادر القضائية والأمنية والشرطية، وأكّد أن البعض يسعون لتقديم الجهود الرامية إلى كشف الغطاء عن أعمال الفساد في البلاد وكأنها “جريمة”؛ لذلك لجئوا إلى الإيهام بوجود “دولة موازية” داخل الدولة؛ بسبب استيائهم من عمليات الفساد الجارية، مع غضّ البصر عن جميع ممارسات الفساد والرشاوى والانتهاكات القانونية في العطاءات الرسمية ومحاولة التستّر عليها وتقديم كل ذلك للرأي العام وكأنه أمر اعتيادي.

انقلابه على أردوغان
استشعرت الجماعة خطر انقلاب “أردوغان” عليها، خاصة بعد قيامه بتأميم التعليم وانهاء “استقلالية” المدارس الخاصة التي كانت تمثل بالنسبة للجماعة “رئة” للنفوذ والحركة، وبعد أن استطاع خلال 11 عاما قضاها في الحكم وفي بلدية إسطنبول أن يقنع الشعب التركي بما حققه من إنجازات اقتصادية وعلى رأسها مكافحة الفساد وما حققه أيضا على صعيد المصالحة مع الحزب الكردستاني.. ولاحقا مع الأرمن.
كولن له تصريحات عديدة يهاجم فيها سياسية حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، حيث قال: “إن حزب العدالة والتنمية التركي” وعد بدفع المسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون حين أتى أول مرة إلى الحكم، إلا أنه بعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011 غير مجرى سيره نحو إقامة “دولة الرجل الواحد” وبالتالي ابتعد عن ذاته، وأضاف كولن بأن الناخبين من حركة الخدمة، قد “دعموا الحزب الحاكم في البداية إلا أنهم بعد ظهور هذا التغيير الملاحظ في مسيرة الحزب اتخذوا تجاهه موقفا مناقضا له، بعدما “تبينت محاولة حزب العدالة والتنمية ربط كل شيء بالسلطة التنفيذية.
واعتبر كولن انقلاب أردوغان على حركته “أسوأ عشرات المرات” مما واجهته الحركة بعد الانقلابات التي قام بها الجيش العلماني.
رد أردوغان على اتهامات كولن الفاضحة بتشديد سيطرة الحكومة على المحاكم، ونقل الآلاف من ضباط الشرطة ومئات المدعين والقضاة، فيما يقول مناصروه إنه مسعى لتطهير القضاء من نفوذ كولن

المصدر العربية نيوز

———-

محمد أبو رمان

باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ومتخصص في شؤون الفكر الإسلامي والإصلاح

السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي.

أزمة الخليج وتصفية الحساب مع تونس

لا يمثّل رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية المستقيل، أحمد داود أوغلو، الضحية الأخيرة للخلافات في أوساط الحزب مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فقبله كان رفيق الدرب وأحد مهندسي تجربة “العدالة والتنمية”، عبدالله غول، الرئيس التركي السابق، هو الآخر ضحية للخلافات مع أردوغان.
نموذج أردوغان اليوم ليس هو نفسه الذي كان عضواً في حزب الرفاه، وسُجن من أجل قصيدة، أو رئيس بلدية اسطنبول، أو حتى القيادي الذي أسس حزب العدالة والتنمية، ما شكّل حينها “نقطة تحول” في التاريخ السياسي التركي الحديث، ما كسر الحلقة المفرغة من سيطرة الأتاتوركيين والجيش على السلطة، وأفرج عن أبعاد أخرى للديمقراطية التركية، ودفع باتجاه نمو اقتصادي مذهل.
لا نتحدث عن أردوغان الشخص، فقد يكون ما ظهر من معالم استبدادية متفرّدة، في الآونة الأخيرة، مرتبطاً بسماتٍ شخصيةٍ أصيلة فيه، لكنّنا نتحدث، هنا، عن النموذج السياسي الذي يقدّمه الرجل، منذ كان عضواً في الحركة الإسلامية الأربكانية، إلى أن صار رئيساً للدولة، وبصورة خاصة بين المعالم الأولى لتجربة “العدالة والتنمية” أيديولوجياً التي ألهمت الإسلاميين العرب، لكسر المعضلات التي تواجههم، وما وصلت إليه التجربة الآن من هيمنة أردوغان على الحزب، بصورة كاملة وإقصاء أي طرفٍ أو شخصٍ يختلف معه في وجهات النظر، سواء في الداخل، كما حصل مع رفاق الدرب، أو حتى في خارج الحزب مع حلفائه، مثل حركة فتح الله غولن، مع اختلاف الأسباب، بالطبع، بين خلافات الداخل وخلافات الخارج.
تتمثل الثيمة الرئيسة، هنا، في ضرورة التفريق، وعدم الخلط بين تجربة “العدالة والتنمية” أيديولوجياً من ناحية والأردوغانية الجديدة من ناحية أخرى. نحن أمام تكريس نموذج جديد (الأردوغانية) التي تحول تجربة الحزب من الطابع المؤسسي الحزبي إلى الطابع الفردي والشخصي، المرتبط بكاريزما أردوغان وشخصيته.
فأيّاً كانت التبريرات والتفسيرات للخلافات التي انفجرت بين أردوغان وكلّ من أوغلو وغول وغيرهما، فيما يتعلّق بالمواجهة مع حركة غولن أو وجهات النظر تجاه التحول من نظام برلماني إلى رئاسي، ففي النهاية، الطريقة التي يتم التعامل فيها مع القيادات في الحزب والإعلام والحلفاء والخصوم تشي بأنّنا أمام “متلازمة السلطة” والغطرسة، وحب الكرسي، وما يرافق ذلك من مشاعر نرجسية وهواجس قد تكون حقيقيةً من أن يكون مصير البلاد والعباد والنجاح والتقدم مرتبطاً بشخصية الرئيس نفسه، وبقائه في الحكم.
———-