رافي شنكر وابنته أنوشكا أسطورتا الموسيقى الكلاسيكية الهندية /عادل محمد – البحرين

1728

في بداية الستينيات من القرن الماضي حينما كنت مغرم بالموسيقى الغربية الكلاسيكية، والأغاني والأفلام الهندية الاجتماعية، تعرفت على عازف السيتار الهندي رافي شنكر الذي نقل إلى الدول الغربية آنذاك تجاربه الموسيقية في العزف على هذه الآلة الموسيقية الكلاسيكية الهندية. لقد قمت بشراء بعض الاسطوانات لمعزوفات رافي شنكر لأُضيفها إلى عشرات الاسطوانات الموسيقية التي كنت أحتفظ بها لعمالقة الموسيقى أمثال بتهوفن وموزارت وتشايكوفسكي وآرام خاتشاتوريان.

موسيقى آلة السيتار* الهندية هي من الأنواع الموسيقية التي تلامس الوجدان وتحرك المشاعر بنعومة … تسمعها فتحس أنها تنقلك إلى مكان وزمان مختلف…فهى موسيقى ذات بعد صوفى ، تأملى ، ينعكس من خلال رنينها النغمى الهادىء…أول مرة سمعت فيها موسيقى رافى شنكر Ravi Shankar (1920- 2012) أسطورة السيتار الهندى كانت منذ سنوات فى صيف لندنى تحت سماء غائمة ، يومها حملتنى أنامل شنكر وهى تعزف آلة السيتار بعيدا عن هذا العالم ، بعيدا عن كل ماكنت فى حينها اقاوم الاستسلام امامه ..

يعتبر رافى شنكر واحد من أهم عازفى آلة السيتار الهندية فى العالم ولد فى العام 1920 وانحدر من عائلة موسيقيين معروفين فى الهند ،وتتلمذ على يد الموسيقار الهندي بابا علاء الدين خان احد مؤسسي الموسيقى الهندية الكلاسيكية، و قدم عرضه الاول فى العام 1939حيث لاقى نجاح كبير للأسلوبه المختلف آنذاك فى العزف على هذه الآلة التقليدية فموسيقاه رغم جذورها التقليدية، الا انها امتازت بروح التجديد والابتكار، مما جعل العروض تنهال عليه لكتابة موسيقى تصويرية للافلام الوثائقية واغانى الاعمال الاستعراضية والافلام الهندية والعالمية، ولعل موسيقى فيلم غاندى اشهر اعماله فى السينما.

وقد أسهم شنكر في التعريف بآلته عالميا حيث كانت باريس اول محطات انطلاقته العالمية فى ثلاثينات القرن العشرين حيث قدم عروض موسيقية على آلته التقليدية بمصاحبة عازف الطبلة الهندي باديت شاتور لال .

كما استطاع شنكر تطوير قدرات آلته التقليدية من خلال احتكاكه بتجارب موسيقية مختلفة ومشاركته فى مشاريع موسيقية عالمية مع عدد من مشاهير الموسيقيين من الشرق والغرب مثل عازف الفيولين الشهير الأمريكي اليهودي مناحين Menuhin الذي التقى مع شنكر في أحدى الحفلات الكبرى في قاعات البرت هول في لندن حيث عزفا سوناتا شهيرة أطلقا عليها اسم ” الشرق يقابل الغرب West meets east ، كما ساهمت جولاته فى اوربا والولايات المتحدة الامريكية فى فترة الستينات لانتشار موسيقاه بشكل اكبر ، جعلت فريق شهير كالبيتلز يدخل نغمات آلة السيتار ضمن أحد اغانيه نورفيجين وود (1967)، بالاضافة الى أداء رافى شنكر على آلة السيتاركونشيرتوا Raga mala مع اوركسترا لندن السمفوني خلال عقد الثمانيات من القرن الفائت ، و مشاركة عازف الفلوت الفرنسى جان بيار رمبال Jean-Pierre Rampal فى عزف مقطوعة تحمل اسم عشق الصباح Morning love.

يكاد يكون رافى شنكر اكثر موسيقار هندى نال تكريما ً فى بلده و أنحاء العالم ، كما تحصل على العديد من الجوائز العالمية.

مقطوعة عشق الصباح Morning loveمن خلالها يمكن أن نلاحظ اسلوب مختلف فى الاداء بين آلة السيتار التى تعتمد على الارتجال فى اوقات كثيرة ،بينما ينحدر عازف الفلوت هذا من تقليد أوروبي يتقيد بحرفية النص الموسيقي، هذه المقطوعة من بين اعمال شنكر المفضلة لدى إذ أحب سماعها مغمضة العينين ، تتسلل الموسيقى للزوايا العميقة من روحى ، فتثير شعور هو مزيج من الحنين والبهجة لأماكن ،وارواح ، وقيم تكاد تُنسى فى عالمنا المادى جداا..

* آلة السيتار وهي آلة وترية تقليدية يعود تاريخ ظهورها الى القرن السادس عشر ، تعود فى اصولها الى بلاد فارس قبل ان يرثها مغول الهند وتصبح احد آلات الاساسية فى موسيقاهم ، وتتكون من سبعة اوتار الى جانب 13 وترا اضافيا غير ضرورية عند العزف و تستخدم غالبا عند الارتجال و هي شبيهة الشكل بالعود لكنها اكبر حجما و اطول عنقا و عادة يستخدم العازف ريشة معدنية يلبسها على ابهامه و مثل بقية الالآت في التخت الهندي يقعد العازف على الارض متربعا ممسكا بآلته و ذلك تقليد لا يزال باقيا عند تقديم العروض الموسيقية او تسجيل المعزوفات .