لا نهضة حضارية واقتصادية دون وجود قطاع خاص قوي/ عبداالله المدني

من العائلات التجارية المعروفة التي لها ذكر طويل في تاريخ الكويت منذ زمن الغوص على اللؤلؤ وتسيير المراكب الشراعية صوب كراتشي وبمبي وكلكتا لأغراض التصدير والاستيراد عائلة الغانم التي ترجع أصولها الى نجد مثل الكثير من العائلات الكويتية المعروفة اليوم في دنيا المال والأعمال.
يخبرنا المؤرخ الكويتي فرحان عبدالله الفرحان في مقال له بجريدة القبس (7/‏2/‏2009) أن آل الغانم هم في الأصل آل الزايد الذين تفرعوا الى فروع عديدة ومنهم من سكن البحرين محتفظًا بلقب «الزايد» مثل الشاعر والمصلح وتاجر اللؤلؤ البحريني المرحوم عبدالله الزايد، مضيفًا أن آل الغانم تناسبوا مع آل الفرج وآل القطامي وآل عبدالرزاق. ويقول أحد المواقع الإلكترونية الخاصة بعائلات الكويت وأنسابهم إن جد آل الغانم هو «جبر بن علي الزايد» وأن الأخير لقب بـ «الزايد» كناية عن كرمه وسخائه، وأن آل الزايد هم من العلي من الدهماشة من العمارات من قبيلة عنزة.

2640

تبدأ قصة العائلة من الجد الحاج أحمد المولود سنة 1860 لأب هو محمد الغانم وأم هي لولوة الفرج، والمتوفى في 1965 عن عمر تجاوز المائة سنة. نزح الحاج أحمد وعائلته من وادي الهدار في الافلاج في نجد مع حكام الكويت من آل صباح، واستطاع سريعًا أن يتملك عددًا من المراكب ليخط لنفسه طريقًا في الحياة مختلفًا عن تجار الكويت آنذاك من العجم الذين كانوا يديرون تجارتهم من خلال دكاكين في سوق الكويت القديم. وهكذا راح الحاج أحمد يشتري التمر من مزارع آل صباح الشاسعة في البصرة ويحملها على ظهر مراكبه الشراعية ويقودها بنفسه نحو بمبي مع نهاية فصل الأمطار الموسمية في شهر يونيو من كل عام. وفي بمبي كان يبيع حمولته من التمور ويشترى بثمنها من أسواق بمبي أو من أسواق ساحل مليبار (كيرالا حاليًا) المواد الغذائية والاقمشة والشاي والسكر والاخشاب والفحم. وأحيانًا كان يمر في طريق عودته إلى الكويت على موانئ شرق إفريقيا مثل زنجبار وممباسا لشراء المزيد من البضائع التي تحتاجها السوق الكويتية. ولهذا فإن اسم الرجل محفور في تاريخ الكويت كأحد أبرز نواخذتها وملاحيها المهرة، بل وأيضا كمالك لواحدة من سفنها المشهورة آنذاك وهي سفينة «الدنجية».
غير أن اشتغال الحاج أحمد الغانم في هذه التجارة توقف فجأة في حدود عام 1925. ولهذا المنعطف الهام في حياة العائلة قصة رواها البريطاني مايكل فيلد في كتابه «التجار، عائلات الأعمال الكبيرة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج» نقلاً عن يوسف ابن الحاج أحمد. وملخص القصة أن زوج ابنة الحاج أحمد كان مكلفًا بتسيير إحدى المراكب الى البصرة لنقل التمور منها كالمعتاد، فكاد أن يفقد حياته بسبب تشققات في جوف المركب لولا أن بحارة مركب آخر كانوا يبحرون في المنطقة سارعوا إلى إنقاذه.
ويبدو أن هذا الحدث ترك أثرًا سيئًا على الحاج أحمد، الأمر الذي قرر معه أن يتجه صوب مهنة أخرى. ولم تكن هذه المهنة الجديدة سوى استثمار الاموال التي ادخرها من تجارة تصدير التمور واستيراد المواد الغذائية في شراء الأخشاب بكميات ضخمة من النواخذة الذين كانوا يجلبونها من الهند وشرق أفريقيا، ثم إعادة بيعها بهامش ربح للمشتغلين في أحواض بناء المراكب الشراعية التي كانت الكويت قديمًا مركزًا رئيسيًا لها في الخليج العربي.
ولم يكتفِ الرجل ببيع الأخشاب من أجل صناعة تلك المراكب بل تدخل في صناعتها وطعمها بأفكار جديدة بفضل خبرته الملاحية المتراكمة. ودليلنا هو إخراج أحواض بناء السفن الكويتية لسفن شراعية ضخمة بمؤخرة مختلفة عن الدارج، وهو ما لوحظ في السفينة الضخمة «مشرف» التي استغرقت عملية إنزالها للبحر اسبوعًا كاملاً بدلاً من يومين.
في الوقت نفسه مارس الحاج أحمد منذ القرن 19 وحتى ثلاثينات القرن الـ 20 الطب الشعبي بالمجان طلبًا للأجر ومساهمة منه في تخفيف آلام مواطنيه في زمن لم تكن فيه المستشفيات قد انتشرت بعد في البلاد، فأسدى بذلك لأهله ومجتمعه خدمة لا تقدر بثمن. والحقيقة أن الرجل كان اسمًا معروفًا في المجتمع الكويتي في عشرينات القرن الماضي لجهة معالجة مختلف أنواع الأمراض الشائعة والكسور وتحضير ما يناسبها من أدوية عشبية ومراهم ولوازم التجبير. ويقال أنه كان ماهرًا في هذا المجال بسبب حرصه على تعلم أسرار المهنة من الهنود الذين كان يخالطهم خلال رحلاته التجارية الى الهند. ولعل آية مهارته أن الدكتور كالفرلي وزوجته إليانور استعانا به حينما أسسا المستشفى الأمريكي في الكويت في ثلاثينات القرن العشرين. كذلك فعل الطبيب الآخر في المستشفى الامريكي الدكتور ميلري الذي كان يستشيره في علاج الكسور تحديدا.
وعليه فإن المؤرخ الفرحان (مصدر سابق) لم يبالغ حينما وصف الحاج أحمد بالنوخذة والطبيب والتاجر والمبتكر، علمًا بأن كل الذين عاصروه أو عرفوه عن قرب أجمعوا على أنه كان إنسانًا معروفًا بالكرم والتواضع وخفة الظل، محبًا للشعر وحافظًا له.
بعد الحرب العالمية الأولى، وبتوصية من حاكم الكويت، منحت شركة النفط الأنغلو فارسية (أبوك APOC) ـ تأسست هذه الشركة سنة 1909 للتنقيب عن النفط في بلاد فارس، وتغير اسمها إلى شركة النفط الانغلو إيرانية في 1953، ثم تغير اسمها مجددًا إلى شركة النفط البريطانية في 1954 ـ الحاج أحمد الغانم توكيلاً لبيع الكيروسين في الكويت، لكن الأخير لم يكن متحمسًا لدخول هذا الميدان فمنح التوكيل لأحد مستخدميه. في هذه الأثناء كان ابنه يوسف متواجدًا في الكويت من بعد إنهاء تحصيله العلمي في مدارس كراتشي، فعرف بحدسه أن المستقبل هو للعمل في مجال بيع المشتقات النفطية القادمة من عبادان، الأمر الذي جعله يسترد من مستخدم والده التوكيل الممنوح له. وبهذا نشأت علاقة عمل بين يوسف أحمد الغانم ومسؤولي «أبوك» البريطانيين، خصوصًا وأن يوسف كان قد تعلم لغتهم بطلاقة في مدارس كراتشي. هذه العلاقة سرعان ما توطدت وأخذت منحى آخر تمثل في طلب البريطانيين منه أن يستخدم نفوذ وسمعة عائلته في تسهيل حصول «أبوك» على حق التنقيب عن النفط في الأراضي الكويتية.
مع بدء عمليات التنقيب عن النفط في الكويت، راحت اهتمامات يوسف الغانم تتمحور حول توفير المساكن والمواصلات اللائقة للجيولوجيين والمساحين البريطانيين، إضافة إلى جلب الحصب المستخدم في صناعة الكنكري، والذي كان مصدره العراقي يبالغ في أسعاره أو لا يلتزم بتوفيره بالكميات المطلوبة. فكانت تلك خطوة أخرى لاعتماد هؤلاء عليه أكثر فأكثر لجهة توفير مستلزماتهم. في مقابل ذلك سهل البريطانيون أمامه الفرص التجارية المربحة في مجالات حديثة لم يكن المجتمع التجاري الكويتي على دراية بأسرارها آنذاك. فعلى سبيل المثال مهد البريطانيون أمامه في 1936 سبل الحصول على وكالة الخطوط الجوية الامبراطورية (الخطوط الجوية البريطانية حاليًا) فوكالة سيارات هدسون البريطانية. إلى ذلك وجه إليه البريطانيون دعوة في 1938 لزيارة بريطانيا تحت ستار زيارة معرض غلاسغو التجاري المتخصص في عرض الصناعات الهندسية بمصاحبة عروض ثقافية من مختلف أجزاء الإمبراطورية التي «لا تغيب عنها الشمس»، فقبل يوسف الدعوة وصار بذلك أول كويتي يزور بريطانيا بعد حاكم الكويت.
والحقيقة أن يوسف الغانم تعلم من تلك الزيارة الكثير، حيث توسعت مداركه وإلمامه بالعالم الخارجي، خصوصًا وأنه زار خلالها أحواض بناء السفن في غلاسغو، وتجول في أنحاء أسكتلنده، ورأى الباخرة المعروفة باسم الملكة إليزابيث قبل تدشينها، وحضر تدشين مركز التلفزيون في هيئة الاذاعة البريطانية. وهكذا لم تنحصر نتائج زيارة يوسف الاولى لبريطانيا في اختياره أسكتلنده كمكان لتعليم ولده قتيبة، وولده الآخر عبدالله (وزير الماء والكهرباء الأسبق) فحسب، وإنما تجاوزه إلى التفكير جديًا في استغلال الفرص التجارية المربحة الموجودة في بريطانيا من خلال الحصول على وكالات العديد من المنتجات الاستهلاكية والصناعية مثل وكالة شركة ليفر وبورجيز الاسكتلندية المصنعة لمكائن الديزل البحرية «Lever Brothers and Burgees & Co». وفي الوقت نفسه ذهب تفكير يوسف إلى ضرورة الاستحواذ على وكالات سيارات يمكن تسويقها في الكويت غير هدسون البريطانية، فوقع اختياره على سيارات كرايسلر الامريكية التي كان لها وكيل إقليمي في بيروت، غير أن ظروف الحرب العالمية الثانية حالت دون توسعه في استيراد هذا النوع من السيارات مؤقتًا.
أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية ركز يوسف الغانم جهوده على تسيير أسطوله من المراكب الشراعية في مياه الخليج وبحر العرب لتوفير المواد الغذائية التي كانت شحيحة، مستفيدًا من تخفيض بواخر شركة الهند البريطانية لخطوطها الملاحية ما بين شبه القارة الهندية ومنطقة الخليج. وبعد انتهاء الحرب كانت هناك مشاكل تنتظر يوسف مع وكيل كرايسلر في بيروت، فقرر في حدود عام 1947 أن يصرف النظر نهائيًا عن الاستحواذ على وكالة الشركة في الكويت.
في هذه الأثناء لاحت ليوسف فرصة تجارية غير متوقعه. كان الزمن هو زمن تصدير النفط من الكويت، وكانت شركة جنرال موتورز الامريكية متحفزة للتواجد في السوق الكويتية من خلال وكيل نشط لديه إلمام كاف بهندسة المركبات بدلاً من وكيلها الكويتي الذي كان مهملاً في تسويق منتجاتها وغير كفوء لتحمل كافة أعباء الوكالة. وهكذا وجد يوسف في جنرال موتورز ضالته، خصوصًا وأنه كان من هواة ميكانيكا السيارات بدليل أنه استطاع سنة 1933 أن يطور ماكينة سيارة إلى ماكينة بحرية صالحة للاستخدام في المراكب الشراعية، وذلك بفضل قراءاته واطلاعه على الكتب الخاصة بهذا المجال. وعليه، فحينما جاء فريق من جنرال موتورز إلى الكويت بالتزامن مع قرار من الحاكم بضرورة منح الوكالات التجارية الكبرى لتجار أكفاء يشرفون إسم الكويت، وبضرورة ألا يكونوا خاضعين في المستقبل لإملاءات وكلاء إقليميين في بغداد مثلاً، كان يوسف الغانم في مقدمة المرشحين للاستحواذ على وكالة الشركة الامريكية في الكويت بعد دفع تعويض للوكيل المحلي الكسول.
ومع حصوله على وكالة جنرال موتورز، راح الغانم يؤسس لشراكات استراتيجية مع كبريات الشركات العالمية مثل: زيروكس، أمريكان إكسبرس، وايربول، هاير، وراح يتوسع في الاستحواذ على وكالات أخرى جنبًا إلى جنب مع نشاطه في ميدان صناعة المراكب والنقل البحري. فمن الوكالات المهمة الأخرى التي حصل عليها في هذه الفترة وكالة فيليبس الهولندية للأجهزة الكهربائية. وعلى خلاف نظرائه من تجار الكويت الذين كانوا يمارسون عملهم بطريقة تقليدية، كان الغانم يجوب العالم بانتظام للقاء المصنعين وزيارة المعارض التجارية في باريس ولندن ونيويورك وفرانكفورت، وتفحص أدق تفاصيل وارداته على الطبيعة، طبقًا لما ذكره مايكل فيلد في ص 128 من كتابه آنف الذكر. فمثلاً لم يكن يكتفي بمشاهدة وارداته من السيارات في صالات العرض، وإنما كان يحرص على الاستفسار عن قطع غيارها وطريقة عملها وإكسسواراتها. لذا فإنه حينما شرع في تسويق سيارات جنرال موتورز في الكويت كانت قطع غيارها متوفرة باستمرار، وكانت خدمات الصيانة التي تقدمها شركته تنافسية بامتياز، وكانت كاراجاته التي توسعت عدة مرات في الخمسينات والستينات مضرب الامثال في الجودة والاهتمام بالعملاء.
عزا الغانم ذات مرة أسباب تميزه عن بقية تجار السيارات في الكويت إلى ثلاثة عوامل هي: هوسه بالأعمال الميكانيكية والهندسية، وأسفاره الخارجية، وحبه للقراءة والاطلاع، الأمر الذي أجمع عليه كل من عرفه عن قرب. فعلى سبيل المثال قالت عنه السيدة «فيوليت ديكسون» زوجة الوكيل السياسي البريطاني التي عاشت في الكويت منذ سنة 1929 وعرفت فيها باسم «أم سعود»، أنه كان شديد الثقة بنفسه، مواظبًا على العمل، حريصًا على معرفة الحقائق والأرقام، متطلعًا الى عمل أشياء مبتكرة لم يسبقه إليه أقرانه من رجالات الكويت. أما أحد المدراء السابقين للبنك البريطاني للشرق الأوسط في الكويت فقد قال عنه إنه لم يهتم قط بالاستثمار في الذهب والعقارات على نحو ما كان يفعله نظراؤه من التجار.
يقول ما يكل فيلد في ص 129 من كتابه إن نقطة الضعف الوحيدة لدى الغانم تمثلت في عدم اهتمامه بالأمور الإدارية يومًا بيوم. ويضيف شارحًا أنه في الوقت الذي بدأت فيه الكويت مرحلة الطفرة في الخمسينات بما حملته من ثراء للمجتمع وتكالب على اقتناء سلع الترف والوجاهة مثل السيارات، كان الغانم بعيدًا عن شركته يقضي معظم أوقاته في الأسفار، وهو ما أثر سلبًا على أعماله التجارية التي تركها في يد أخيه خليفة الغانم وبعض المدراء والموظفين غير الأكفاء.
في الستينات من القرن العشرين قرر يوسف الغانم أن يفوض مسؤوليات أعماله التجارية إلى ابنه الأكبر عبدالله الذي كان قد أنهى دراسته في أسكتلنده وعاد إلى الكويت وهو يتحدث الانجليزية بلكنة أسكتلندية، لكن سرعان ما دبت الخلافات بين الأب يوسف وابنيه عبدالله وضرار حول كيفية تسيير أعمال شركتهم، علمًا بأن تلك الخلافات انتهت سنة 1965 بحصول الابنين على حصتهما وقرارهما تأسيس شركة خاصة بهما بعيدًا عن شركة والدهما. أما العام 1971 فقد شهد بروز قتيبة الغانم، الابن الثالث ليوسف الغانم والأخ غير الشقيق لعبدالله وضرار. كان قتيبة وقتها عائدًا من أمريكا بعد تخرجه من جامعة كليفورنيا في بيركلي في إدارة الأعمال فأقنع والده، بدعم من أمه، بتعيينه في وظيفة تنفيذية صغيرة داخل شركة العائلة. غير أن قتيبة تمكن سريعًا من الصعود واكتساح مدرائه، وإقناع والده بتسليمه ملكية وإدارة الشركة بالكامل.
بدا قتيبة حاملاً لجينات أبيه أكثر من بقية إخوانه. فعلى الرغم من انتمائهما الى جيلين مختلفين ومدرستين إداريتين متبايتين، فقد كان قتيبة مثل أبيه حريصًا على العمل الشاق، والتيقظ لكل طارئ، والابتكار، والتفاعل مع كل جديد. وكان مثله مؤمنًا بالدور المحوري للقطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، حيث سجل عن يوسف الغانم قوله ذات مرة: «إن كل الدول الرأسمالية التي حققت لشعوبها أعلى معدلات الرفاهية وساهمت في قيادة ركب الحضارة آمنت بدور القطاع الخاص في النهضة الحضارية، فلا نهضة للحضارة ولا علاج للاقتصاد دون وجود قطاع خاص قوي وغني».
لذا فبمجرد سيطرته على القيادة التنفيذية العليا في شركة العائلة قام قتيبة بإحداث ثورة إدارية متفقة مع ما تعلمه في الولايات المتحدة. فأرسى مثلاً نظام اللامركزية في الإدارة، واختار نوعية جديدة من الموظفين الأكفاء لمختلف المناصب الإدارية، ووضع برامج للتدريب وفقًا لأحدث النظريات الغربية، وأدخل نظم الحاسوب الآلي. إلى ذلك اتخذ قرارًا شجاعًا بالتخلي عن نصف التوكيلات الممنوحة لشركته كي يتيح لنفسه وموظفيه التركيز على أعمال ومشاريع معينة أكثر إدرارًا للأرباح.
وهكذا، صارت شركة يوسف الغانم تحت إدارة ابنه قتيبة، مقسمة إداريًا إلى ستة أقسام: قسم يختص بالدعاية والتدريب والتمويل، وقسم ثانٍ يختص بتسويق سيارات جنرال موتورز وهولدن وإيسوزو، وقسم ثالث يختص ببيع الشاحنات والمعدات الثقيلة، وقسم رابع يختص ببيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية ولاسيما من ماركة فيليبس، وقسم خامس يختص ببيع الثلاجات والغسالات والمكيفات المركزية من نوع هيتاتشي، وقسم سادس يتعامل في خدمات السفر والسياحة من خلال توكيلات كبريات شركات الطيران مثل الخطوط الجوية البريطانية وطيران الخليج والطيران الهندي وخطوط كوانتاس الاسترالية.
لاحقًا تخلى قتيبة عن شركة العائلة لأخيه بسام، بعد أن وضعها على الخط التنظيمي الصحيح، وراح يستثمر جهوده في مشاريع جديدة. فمثلاً اشترى في 1975 شركة «كيربي» الأمريكية لصناعة الدعائم الفولاذية للمباني. وكان ذلك بحسب قول مايكل فيلد في الصفحة 132 من كتابه من منطلق رؤية تبناها قتيبة مفادها أنه «لكي تبقى شركتك في نمو وتطور في المستقبل، عليها أن تؤسس لنفسها قاعدة متينة في مجالات غير التجارة التقليدية.. مجالات تتطلبها تغيرات الأنشطة والأعمال في المنطقة». توفي قتيبة الغانم في 1992 بعد تحرير بلاده من العدوان العراقي مباشرة عن عمر ناهز 92 عامًا.
بقي أن نقول إن عائلة الغانم أنجبت للكويت رجالات وأعلامًا غير من سبق ذكرهم مثل: صقر غانم سعد الغانم قائد جيوش مبارك الصباح الذي اتهم بالتعاون مع الاعداء ففقأ الشيخ مبارك عينيه في عام 1911، وخليفة شاهين الغانم الذي كان عضوًا في المجلس التشريعي الأول في 1921، وغانم صقر الغانم أول مدير لشرطة الكويت في 1938، ومحمد أحمد الغانم الذي عين عضوًا في مجلس المعارف في 1936 ثم سفيرًا في بيروت في 1963 فوزيرًا للعدل في 1964، وعبداللطيف ثنيان الغانم أول رئيس للمجلس التأسيسي الذي وضع دستور الكويت في 1961 ثم تقلد وزارة الصحة في 1962 فوزارة الأشغال العامة في 1964، وثنيان ثنيان الغانم المحسن المعروف الذي كان صديقًا ومستشارًا للشيخ عبدالله السالم الصباح، وعبدالله يوسف الغانم الذي شغل منصب القنصل الفخري للدانمارك في 1964 ثم صار في 1971 وزيرًا للكهرباء والماء والغاز، وخليفة خالد الغانم أول سفير للكويت في لندن بعد الاستقلال، وعلي محمد ثنيان الغانم الذي شغل منصب رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت لأكثر من دورة، وأخيرًا مرزوق محمد علي الغانم الذي يتولى قيادة مجلس الأمة الكويتي الحالي منذ 2013 ويعتبر أصغر برلماني في تاريخ الكويت.