الدول الخليجية عالقة بين داعش وإيران/فواز بن محمد آل خليفة

شهد العقد الماضي انطلاق موجة من الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط: حرب 2003 في العراق، زعزعة الاستقرار التي تسببت ما بها ما يسمى “الانتفاضات العربية” في 2011، والسنوات الخمس الماضية من الحرب الأهلية في سورية، واليمن، وليبيا. هذه الاضطرابات الدموية أدت إلى بروز حركات تمرد مسلحة، حركات متطرفة، وحروب طائفية وعرقية كانت نتيجة حتمية لسنوات من التدخل الخارجي في الشؤون العربية والسياسة الخارجية الغربية الخاطئة.

6

نتيجة لهذه الاضطرابات، تعاني المنطقة الآن من نوعين من التطرف: أولاً، هناك الميليشيات الشيعية وخلايا حزب الله، وكلاهما مدعومتان من الحرس الثوري الإيراني، في سورية، واليمن، والعراق، ولبنان، وعلى نطاق أقل ولكن بنفس الشر في الكويت والبحرين. ثانياً، داعش والتنظيمات التابعة للقاعدة في العراق وليبيا واليمن وسورية. رداً على ذلك، تم تشكيل تحالف من الدول الإسلامية بقيادة السعودية من 37 دولة مؤخراً لمكافحة هذه الحركات المسلحة. هذا التحالف سيكون مدخلاً لعهد جديد من الدفاع، التعاون الخارجي والتعاون في مكافحة الإرهاب الذي سيمكِّن الدول الأعضاء في هذا التحالف من حماية سيادتها، ومصالحها الاستراتيجية، واستقرار الحلفاء في الوقت الذي تعمل فيه على تعزيز الازدهار الاقتصادي والسلام في العالم.

لسوء الحظ، بين أعضاء المجتمع الدولي، الذي لديه كل الأسباب التي تجعله يدعم هذا التحالف ضد التطرف الإسلامي، هناك تركيز مضلَّل على “الإسلامي” أكثر من “التطرف”. علاوة على ذلك، هناك تركيز مبالغ فيه على أشكال التطرف “السني” أكثر من التركيز على التطرف “الشيعي”. ومع أن هذه الجماعات الإرهابية نشأت من مصادر مختلفة – المذاهب السنية والشيعية في الإسلام- إلا أنها متطابقة تقريباً في أفكارها الصلبة، تعصبها ضد أي خروج عن عقائدها “الإلهية”، طموحاتها التوسعية، واستخدامها لوسائل الإعلام الاجتماعي من أجل تجنيد عناصر جديدة. أخيراً، كل جماعة من هذه الجماعات تمارس نفس الدعاية الإعلامية المناهضة للغرب التي تسلط الضوء على هدفها الاستراتيجي النهائي: الإطاحة بالدول الخليجية العربية.

في هذا الوضع المعقَّد، لعل من التبسيط غير المسؤول التأكيد على أن النوايا الشريرة أمر يخص مذهباً إسلامياً معيناً دون الآخر أو أنها تخص الإسلام بشكل عام. لكن الصحيح هو أن التطرف عدو مشترك، بغض النظر عن الشكل الذي يتخذه. وبهذا فإننا بحاجة إلى معالجة الأسباب الأساسية لهذه الحركات وإيجاد حلول ممكنة بدلاً من الاستمرار في حالة السقوط الحر في حفرة “الدين” و”الطائفة” التي لا نهاية لها. علاوة على ذلك، علينا أن لا نسمح لأي من هاتين الشوكتين المتطرفتين والتوسعيتين أن تملأ مكان الدول الفاشلة، زعزعة الاستقرار، وفراغ السلطة في المنطقة. في الوقت الذي يركز فيه الغرب على تنظيم داعش –وهو رد فعل مفهوم بسبب الفظائع التي ارتُكِبت باسم هذا التنظيم، وآخرها كان في جاكرتا وإسطنبول بالإضافة إلى مناطق أخرى في تركيا، باريس، كينيا، لندن، وأجزاء من السعودية والكويت- فمن منظور الدول الخليجية هناك تهديد وشيك لا يقل خطورة يتمثل في إرهاب الدولة الذي تصدره إيران. وكما حذرت ضد المتشددين الإسلاميين قبل هجمات 11 سبتمبر، فإن الدول الخليجية حذرت وتحذر من الطموحات التوسعية للمؤسسة الشيعية الفارسية في “قم” ومن تصدير الإرهاب إلى لبنان، والبحرين، والكويت، واليمن منذ الثورة الإسلامية. ودول الخليج لا تزال تحذر منها بخصوص الحروب الأهلية في العراق وسورية اليوم.

في سورية، عدم التدخل والرد المنسق من المجتمع الدولي سمح لتدخل أجنبي غير مرغوب به من قبل إيران ووكلائها المتشددين، الذين تمنع دوافع الهيمنة لديهم السلام في المنطقة. الميليشيات المدعومة من إيران انتقلت إلى سورية واليمن، حيث يتم تقديم الدعم الاستراتيجي والرجال والعتاد لمساندة الأسد والمتمردين الحوثيين. مواطنون شيعة شباب من الكويت والسعودية والبحرين يتلقون أيضاً تدريبات ويتم تلقينهم بالعقائد في معسكرات الحرس الثوري الإيراني. ومن المهم أن التدخل الإيراني في المنطقة ازداد منذ بداية المفاوضات النووية، وتصدير إيران للإرهاب أصبح أكثر وضوحاً منذ توقيع الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني في لوزان.

في البحرين، اعترضت السلطات منذ 2012 أكثر من ثلاث شحنات كبيرة من المواد المتفجرة والأسلحة من العراق وإيران. كما تم اكتشاف معمل لصنع العبوات المتفجرة بالإضافة إلى عدة مخازن أسلحة في قرى شيعية بشكل رئيسي. عدة خلايا من المتشددين الشيعة قامت بهجمات قاتلة استهدفت الشرطة والمدنيين، وأكد خبراء دوليون مستقلون وخليجيون أن الأدلة تشير إلى تشابه المواد التي عثر عليها في هجمات سابقة والشحنات التي تم اعتراضها من إيران. وقد أسقطت الحكومة البحرينية في العام الماضي الجنسية عن أكثر من 100 مواطن بسبب علاقتهم مع القاعدة، داعش، وجماعات شيعية متشددة. كما اتخذت دول خليجية أخرى خطوات فاعلة لسحق خلايا داعش فيها. الإمارات تحاكم 41 مشتبه بهم بتهمة محاولة تأسيس “خلافة” مشابهة لداعش. السعودية أعدمت 47 إرهابي بسبب علاقاتهم مع القاعدة، داعش، وحزب الله.

أعضاء التحالف الذي تقوده السعودية سيستمرون في التطور عبر السنين، جامعين بين العمل العسكري وإجراءات مكافحة التطرف والتحريض، الاستخبارات الفعالة، وتطبيق القانون لكشف وتعطيل ومحاكمة الجماعات المتطرفة. هذا التحالف في موقع مثالي ليكون في طليعة الرد على الإرهاب السني والشيعي لأن أعضاء التحالف يتعرضون لتهديدات إرهابية من كلا المذهبين.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *