الشاعرة الإيرانية الثائرة التي هزّت أركان نظام عصابات الملالي | عادل محمد

10647396_814223708643640_1267925980_oيسعدني أن أستهل موضوعي هذا بقصيدة الشاعرة الإيرانية الثائرة سيمين بهبهاني “دو باره مي سازمت وطن” (سأبنيك من جديد يا وطن)، ترجمة د. محمد نورالدين عبدالمنعم (موقع الأهرام الرقمي)، وهى قصيدة شهيرة، وإن كانت صاحبتها قد نظمتها بشأن إيران، فإننا يمكن أن نتغنى بها في بلادنا وفي الظروف التي يمر بها وطننا، فنقول معها:
سأبنيك من جديد يا وطن، حتى ولو بلبنات روحـي –
وأشيد أعمدة ترفع سقفك، حتى ولو بعظام جسدي.
وسوف أتنسم مرة ثانية عبير ورودك الذي تفضله أجيالك الشابة –
وسوف أغسلك من الدماء من جديد، بسيل دموعي المنهمرة.
وسوف يمحو النهار المضيء الظلمة من المنزل مرة ثانية –
وسوف أصبغ شِعْري بزرقة سمائك.
ولو كنت ميتة لمائة عام، فسوف أنهض في قبري –
لأمزق قلب الشيطان بصيحتي.
إن من يحيى العظام وهى رميم بلطفه وكرمه –
سوف يهبني العظمة والجلال كالجبل في ساحة الامتحان.
ورغم أنني عجوز، إلا أنني حتى الآن، لو كان هناك مجال للتعلم –
سوف أبدأ فترة الشباب بجانب صغار السن.
إنني أبدأ الحديث عن حب الوطن بهذه الطريقة بسبب الشوق، –
فكل كلام القلب يصير روحا عندما أفتح فمي بالكلام.
ما زالت هناك نيران في الصدر باقية، –
لا أظن أن حرارة شعلتها ستخبو بسبب حرارة أنفاسي.
مرة ثانية تهبني القدرة يا أيها الوطن، حتى لو تخضب شِعْري بالدم، –
فإنني سأبنيك من جديد بروحي حتى لو كان هذا فوق طاقتي.

408587_398826756874869_1654957490_n
ودّعت إيران الشاعرة والناشطة سيمين بهبهاني “سيدة الغزل” وشاعرة الصوت الاعتراضي، التي رحلت صباح الثلاثاء 19/8/2014 وهي واحدة من أربع شاعرات ظهرن بقوة في الساحة الشعرية الإيرانية وهن: بروين إعتصامي (1907- 1941)، فروغ فرّخ زاد (1934- 1967)، طاهرة صفار زادة (1936- 2008)، وسيمين بهبهاني (1927- 2014).
ولقبت سيمين بـ”سيدة الغزل” إذ أنها جددت في تكوين القصيدة الغزلية وكتبت قصائد حب وقصائد اجتماعية في أوزان مبتكرة، ونشرت العديد من المجموعات الشعرية وبعض الترجمات من الشعر العالمي. كما كتبت كلمات أغاني كثيرة لحنها كبار الملحنين الإيرانيين.
ومنذ الثورة الإيرانية العام 1979 اندلع صوت سيمين الاعتراضي، وواصلت كتابة أشعار معارضة مع ظهور صور تقشعر لها الأبدان لأناس أعدمهم نظام الخميني، رغم عدم نشر تلك الصور إلا بعد سنوات. وجذبت قصيدة بعنوان “أنشودة بيت الدعارة”، وهي قصيدة تتناول العاهرات في طهران، الانتباه لمحنة مجموعة من النسوة واجهن صنوف التجاهل سابقا.ً
تحكي قصائد سيمين، وتحاكي آمال الناس وآلامهم ومن قصائدها الشهيرة “سأبنيك ثانية أيها الوطن” و”بنطال الرجل ذي القدم الواحدة” وهي قصيدة عن معوقي الحرب. وتؤرخ من خلال شعرها للأحداث اليومية إضافة إلى دفاعها عن حقوق الانسان، ما جعلها تتعرض في 2010 للمنع من مغادرة طهران إلى باريس قصد المشاركة في مؤتمر عن حقوق المرأة اذ صودر جواز سفرها وكان عمرها 82 عاماً، وسمح لها في النهاية بالسفر لكنها لم تتمكن من حضور المؤتمر.
وكانت بهبهاني ضمت صوتها من خلال قصيدة “أوقفوا إلقاء بلادي في الريح” للمتظاهرين الذين اندفعوا إلى الشوارع بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدت تلاعباً كبيراً لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في يونيو/حزيران 2009.
وفي إحدى المناسبات في أواخر التسعينات، كانت بهبهاني بصدد التحدث في ندوة للشعر في طهران، لكن قوات الأمن أبعدت مكبرات الصوت عنها وأطفأت الأنوار. وأثارت ضجيجاً لإسكاتها. ورغم صعوبات العيش في إيران بسبب الحصار الدولي، كان وطن سيمين هو مصدر الإلهام وآثرت عدم الهجرة.
قرأنا بعض القصائد بالعربية لسيمين، والراجح أنه لم يصدر أي كتاب خاص بالعربية لها، هي الشاعر صاحبة الموقف الاعتراضي نضعها في خانة “أشياء جميلة تأتي من إيران”.
ولقد رُشحت الشّاعرة لجائزة “نوبل” للأدب إلى عدة لغات، منها الإنجليزية والألمانية والعربية والروسية والسويدية والفرنسية، كما حصلت على جائزة “سيمون دو بوفوار” الفرنسية الخاصّة بتحرير المرأة، وجائزة حقوق الإنسان “هيلمان” هاميت في 1998، وجائزة “كارل فون أوسيتزكي” لحقوق الإنسان في 1999، إلى جانب جائزة حرية التّعبير من اتحاد الكتاب النرويجيين في العام 2007.
وعُرفت “سيدة الغزل” من أهم الشّاعرات المدافعات عن حقوق المرأة وحرية التعبير، كما عبّرت عن آمال وإحباط الإيرانيين منذ ثورة 1979 من خلال قصائدها.

149782_882

الإيرانية بهبهاني: الشعر ملجأ روحي

ملخص مقابلة الكاتب الصحافي الإيراني الأهوازي يوسف عزيزي مع الشاعرة الإيرانية الكبيرة سيمين بهبهاني، (موقع إيلاف – 20 سبتمبر 2007):
طهران: كان موعدنا مع “سيدة الغزل” الايرانية، زميلتي في اتحاد الكتاب الايرانيين سيمين بهبهاني في بيتها بشارع زردُشت في شمال طهران. سيمين بهبهاني شاعرة وناشطة من اجل حقوق المرأة وعضو مؤسس لاتحاد الكتاب الايرانيين (كانون نويسندكان ايران)؛ ولدت في طهران عام 1927 حيث دخلت قبل شهرين، عامها الواحد والثمانين.
ف”سيمين خانم” ورغم كبر سنها لاتزال تنشد الشعر و تنشط من اجل احقاق حقوق المرأة وتساند كل من يرفع صوته ويحتج ويسجن. شاعرة مخضرمة تنتمي الى عائلة طهرانية عريقة تتذكر عهد الشاه كما عهد الجمهورية، والاكثر من ذلك تتذكر عهد ابوالشاه حيث كانت يافعة انذاك.
نشرت حتى الان 9 دواوين شعر وهناك ديوان آخر ينتظر الترخيص من وزارة الارشاد. كما نشرت كتابا نقديا ومجموعة حواراتها الصحفية. وقامت سيمين بهبهاني بترجمة منتخبات لعدد من الشعراء الفرنسيين المعاصرين الى الفارسية. وقد تُرجمت بعض آثارها الى الانكليزية والالمانية والعربية والروسية والسويدية والفرنسية والاُردية.
فقد دار حديثي مع سيمين بهبهاني حول الشعر الفارسي القديم و الحديث ورواده وكذلك القضايا الساخنة في ايران كقضية المرأة والقوميات والعرب.. الخ.

الشعر الفارسي الحديث والقديم

* يصفونك بسيدة الشعر الغزلي في ايران؛ لماذا؟
– لااعرف. ربما هناك اسباب لدى الذين منحوني هذا العنوان، وربما انهم يحبون شعري الغزلي. فقد تلقيت عدة عناوين او القاب طول عمري. فاول مرة وعندما كنت 13- 14 عاما، وجدت والدتي اشعاري المخبؤة تحت السجادة ووصفتني باسم ” هزار الشعر الفارسي”.
يقولون انه طلبوا من الغراب ان يجلب اجمل فرخ للطيور؛ اذ جاء بفرخه – وهو اقبح انواع الطيور – بعد النظر في كل انواع الطيور قائلا بانني لم ارى اجمل من هذا!
بعد ذلك و عندما طُرحت في الاوساط الادبية كشاعرة، جاءتني القاب اخرى: ” شاعرة الشعب” و” مها الشعر الغزلي” و” سيدة الشعر الفارسي” و في النهاية ” سيدة الغزل الفارسي”.
فيبدوأن نقاد الشعر الفارسي قرروا ان يمنحوا هذه “السيدة” ساحة
“الغزل” فقط، و هذه هي – ربما – ادق المجاملات. على كل، انني اشكرهم واتذكر الشاعر الفكهي هادي خرسندي حيث انشد لي بيتا من الشعر بعد ترشيحي لجائزة نوبل للاداب وعدم حيازت عليها قائلا:
ايها السيدة التي لم تحوزي على جائزة نوبل فانت و دون الجائزة ايضا ثمينة لنا وانني اقول حاليا:
ان الطموح الذي كان في رؤوسنا لم يتيسر لنا حتى بالالقاب
فاذا وضعنا المزاح جانبا يجب ان اقول انني لم انشد شعرا من اجل أن احوز على لقب او جائزة نوبل او ثروة و شهرة. فالشعر، ملجأء روحي. فعندما كنت اشعر بصفعة داء على جسدي او جسد غيري كنت الجأ الى خلوتي لأصرخ. اذ رقصت مع بهجتي في خلوتي هذا. الشعر هو حياتي و سأموت دونه.

* كيف ترين الشعر الفارسي حاليا؟
في المجموع أن مردود الشعر في ايران بعد قيام الثورة اقل بكثير مما كان عليه قبل الثورة. في الواقع ان ما ترك مهمولا ومطرودا في ايران بعد الثورة هو الشعر والادب. فالشعور بفقدان الامن، والاضطرابات المادية والمعنوية في بيئتنا، و الرقابة المفروضة على المقالات والكتب، وانتشار المخدرات والكحول، تعد من الآفات التي تهدد الحياة الثقافية في بلادنا.
* ماذا تقولين لنا عن اعظم شاعرين في الادب الفارسي: عمر الخيام وحافظ الشيرازي؟
– اذا تقصد المقارنة بين العظيمين الخيام وحافظ الشيرازي فلايمكن لنا ان نقارن بين الاثنين. كان حافظ الشيرازي وعمر الخيام – كليهما- يركزان في شعرهما على انقضاء العمر وقصر الحياة؛ مع الفارق بان الشيرازي كان يعتقد بان موت الجسد لايمنع ديمومة الحياة ويعتبرها فاعلة في زمن بعد الموت حيث يقول:
لن يموت الذي عاش قلبه بالحب – وقد تم تسجيل ديمومتنا على صحيفة العالم.
لكن الخيام لم يؤمن بالحياة بعد الموت وجل افكاره تؤكد على الفرص القائمة في زمن الحياة المعاش حيث يقول:
كن سعيدا اذا كنت من شاربي الخمر
وكن سعيدا اذا عاشرت جميلة شقراء
وبما ان الفناء هو مصير العالم
فتصور بانك فاني، فكن سعيدا بما انك موجود
ويقدر حافظ الشيرازي، اغتنام الفرص لصالح المستقبل وابناء المستقبل، ولايهتم الخيام باي مستقبل ويتسلى بسعادة مؤقتة وعبثية، لكن فلسفته وفي هذه الفرصة القصيرة للحياة لم تخلوا عن الاعتناء بالانسانية والشأن المتعالي للانسان ولهذا فان فلسفته تعلو على فلسفة ابيكور اليوناني.

اتحاد الكتاب و الرقابة
* نسمع اصوات لشعراء وكتاب ايرانيين يشكون هذه الايام عن الرقابة المشددة على الكتب في وزارة الارشاد؛ ما رأيك في ذلك؟
– كما ارى و اسمع فان الرقابة لاتزال مستمرة حيث يعتقد البعض بانها اصبحت اشد وطأة. برأيي ان الشعب الذي يضطر لقبول الرقابة في حياته الثقافية مثله كمثل الانسان الذي يعصبون عينيه و يغلقون اذنيه ويقولون له عليك ان تسير في طريق وعر ومجهول! فويل له!
* تعتبرين من المؤسسين لاتحاد الكتاب الايرانيين (كانون نويسندكان ايران)؛ كيف ترين هذه المؤسسة المدنية المستقلة التي لم تخضع للسلطات الرسمية لا في عهد الشاه ولا في عهد الجمهورية الاسلامية؟
– فقد تم انتخابي عضوا في الامانة العامة للاتحاد في العام 2002 بغالبية الاصوات لمدة عام لكننا – انا وسائر الزملاء في الامانة العامة – استمرينا في وظيفتنا لان الحكومة لم تسمح لنا بانعقاد الجمعية العامة للاتحاد خلال الاعوام الخمسة الماضية.
فاتحاد الكتاب الايرانيين، مؤسسة مستقلة حيث اعتبرها ملجأً لي واظن انها كذلك ملجأ لسائر الكتاب الايرانيين. وقد صمدت هذه المؤسسة لمدة 40 عاما امام التحديات و التعديات على الكتّاب. فالصوت الوحيد الداعم للكاتب هو صوت مجموعة اعضاء الاتحاد الذي يظهر بشكل بيانات يصدرها وتنعكس في كل انحاء العالم وذلك خلال الاغتيالات ( التي تعرض لها بعض اعضاء الاتحاد) والمشاكل والاذى والتحقير الذي يتعرض له الكتاب الايرانيين. فقد رفضت المؤسسات الرسمية في العهدين الملكي و الجمهوري بعد الثورة الاعتراف بالاتحاد، فعليه لم يتمكن حتى الان من تسجيل نفسه في اي مرجع رسمي، لكنه لايزال يعد كمؤسسة مقبولة في كل انحاء العالم. فلم نتمكن حتى الان ان نملك مكانا للاتحاد لاننا ومن وجهة نظر الحكومة لا نملك الشخصية القانونية. غيران مكاننا هو قلوب الاعضاء الفسيحة التي تفتح بيوتها دائما لاجتماعات هذا الاتحاد.
هناك مبدئين يرتكز عليهما ميثاق اتحاد الكتاب الايرانيين: دعم حرية الرأي والتعبير و الضمير ومعارضة الرقابة. فابواب الاتحاد مفتوحة لاي كاتب او شاعر ايا كانت عقيدته او مذهبه، شريطة ان يوافق على هاتين المبدئين حيث يحترم الجميع،المعتقدات الشخصية للاعضا؛ وانني اتمنى له الاستمرارية في العمل والنجاح.
* مدى معرفتك باللغة العربية؛ وهل تعرفين شيئا عن الادب العربي الحديث؟
– اللغة العربية مندمجة في اللغة الفارسية بشكل لايمكن الانفصام عنها. فعليه ان معرفة اللغة العربية ضرورية – على الاقل – للوسط الادبي في ايران.
انني اعرف الصرف والنحو العربيين واقرأ العربية والترجمة منها الى حد ما، لكنني لم افهم اللهجة العامية عندما يتحدث الاهوازيون باللغة العربية.
قرأت اشعار لغادة السمان مترجمة من العربية الى الفارسية، حيث لاشعارها ميزة خاصة. وقد التقيت بادونيس في جمعية الصداقة الايرانية الفرنسية في طهران العام الماضي. كما قرأت قصائد واشعار لنزار قباني و محمود درويش. وقد التقيت قبل سنوات بالراحل ادوارد سعيد في رابطة القلم الامريكية ( بن). وقد رافقت الشاعرة الفرنسية اللبنانية فينوس خوري، ادونيس في زيارته لطهران وهما يماثلان العشيقان ” زهره ومنوشهر” في الادب الفارسي.
نظرة الادباء المعاصرون للعرب
* نشاهد في الادب الفارسي الحديث، علائم واضحة تدل على معاداة العرب، خاصة في ما كتبه الروائي صادق هدايت والمؤرخ عبدالحسين زرين كوب والباحث ذبيح الله بهروز وآخرون. بماذا تعللين هذا العداء الذي يصل حد المرض؟
– صحيح، اننا نجد في الادب القديم ايضا هذه الرؤية المعادية للاجانب. فمفردة ” الاعرابي” تحمل معها تخفيف مؤذي للاخرين. فالقاء نظرة الى آثار سعدي الشيرازي تظهر قصده من استخدام كلمة “الاعرابي”. فهو يقول: ( ترسم نرسي به كعبه اي اعرابي كاين ره كه مي روي به تركستان است).
أي أخشى بألا تصل الكعبة يا اعرابي فالطريق الذي تسلكه يأخذك الى تُركستان.
أو هذا البيت من الشاعر خاقاني: (اعرابيم كه در پي احراميان روم حج از پي ربودن كالا بر آورم) انني اعرابي اتبع خطى الحجاج وحجي هو من اجل سرقة البضائع.
وإما المرحوم زرين كوب لايمكنني ان احكم على معاداته للعرب (كما تدعي) لان حديثه في هذا المجال مرفق بالوثائق حيث يجب على معارضيه ان يتحدثوا بالوثائق وانني لست فارسة في هذا الميدان.
* ففي القران ايضا تحمل مفردة “الأعراب” و“الأعرابي” صفة سلبية بشكل عام. فانني اقول انه اذا استثنينا الحركة الشعوبية في القرن الثالث والرابع الهجري والفردوسي بالخصوص، فان ما يليه من ادب فارسي ليس معاديا للعرب حيث نرى حبا جما للعرب والادب العربي في شعر عمالقة الادب الفارسي ك ناصر خسرو البلخي وحافظ الشيرازي و محمد المولوي.
على كل حال اذا كان هناك في الحقيقة حقد و بغض في الكتب الفارسية تجاه العرب فانه رد فعل طبيعي على مظالم حكومات الامويين و العباسيين و امتدادتهم.
وإما انا ارفض اي نوع من التفاخر والتعصب القومي والوطني. فانني ارى البشر مخلوقين من دم ولحم واحساس حيث يوجد فيهم الاحساس بالحزن والسرور بشكل سوي تقريبا. العالم وإثر تطوره الحضاري يجب ان يحترم حقوق الانسان اكثر فاكثر.
في هذه الايام يتم استخدام الدين والمذهب كذرائع لاثارة الاحقاد والحروب والنكبات. فانني ارى ان الابيض والاسود واليهودي والمسلم والشيعة والسنة وفي النهاية الغربي والشرقي هي بطاقات مصمغة تثير الانسان الجاهل والضال كي يسعى لمص دماء الآخرين ليحرق المرأة والرجل والكبير والصغير والمذنب والبريء في جهنمه التي خلقها بيده.
فانني العن كل يوم وكل لحظة العقائد الشخصية والاجتماعية والدينية والطائفية التي تستخدم كذرائع لاثارة الحروب والجنون.
انني ام لابناء يعتنق كل منهم عقيدة و مذهب؛ انني ام العالم، فقولوا لابنائي ان يكونوا لطفاء مع بعضهم.
* انا ايضا لااتوقع ان يكون الروائي معلما للاخلاق او المنطق لكنني اتوقع الا يكون استاذا للعنصرية خاصة ضد احدى القوميات القاطنة في هذا البلد وهم العرب الذين يتأثرون بهذا الخطاب العنصري. كما انني لاارى اي عداء من قبل صادق هدايت للحضارة الايرانية بل هو يمجد ويقدس بشكل غيرمنطقي هذه الحضارة خاصة ما يتعلق منها بقبل الاسلام. فمن حق الفرس ان ينقدوا الفتح الاسلامي لبلادهم كما يحق للمصريين والبابليين ان ينقدوا هجمات الاباطرة الاخمينيين على بلادهم وكذلك يحق للعرب ان ينقدوا عملية تمزيق اكتافهم من قبل الكسرى سابور الثاني الساساني، وللهنود ان ينقدوا الهجمات العسكرية الدامية لسلطان محمود الغزنوي ونادرشاه الافشاري على بلادهم ونهب ثرواتهم. لكن لايحق لكاتب او مؤرخ او روائي ان يواجه الشعوب الاخرى بعنصرية مقيتة كما يفعل محمود افشار وزرين كوب وصادق هدايت وبورداود واخوان ثالث والعشرات الاخرين من زملائهم.

القوميات الايرانية
* السؤال الاخير حول مشكلة القوميات غيرالفارسية و حقوقها الثقافية والانسانية في ايران؟
– تتميز ايران ومنذ القدم بانها مكان للتعايش السلمي بين مختلف القوميات حيث لم تعتبر اي من هذه القوميات نفسها منفصلة عن الاخرى. اليوم ايضا يعيش العربي والكردي و اللوري وآلاذري والتركماني والبلوشي والقشقائي والبختياري في ايران كالخاتم، والفص هو المناطق المركزية لايران حيث لا فائدة للخاتم دون الفص ولا للفص دون الخاتم.
انني اؤمن بحق هذه القوميات للمحافظة على لغتها و ثقافتها وميزاتها القومية لكن لايجب ان نتغاضى عن القواسم المشتركة لكل الايرانيين اي يجب ان يتعلم ابناء هذه القوميات على الثقافتين. كما على السلطة المركزية في طهران ان تعتني بمشاكل القوميات وان تسعى لتأمين رفاه هذه القوميات التي تشكل اعضاء الجسد الايراني وان تسعى لترويج ثقافتها بين ابناء المركز حيث يعد ذلك ضروريا للتضامن بين القوميات و المركز. فمن المطلوب ان يتعرف اهالي طهران واصفهان و شيراز على اللغة الاذرية و الكردية وان يستفيدوا عن تقاليدهم وسننهم، حيث الامر كان رائجا بهذا المنوال بين الايرانيين. فالجيل السابق كان اكثر احتكاكا وتعرفا على ثقافة القوميات، ومن الافضل ان تدرس لغات وثقافات هذه الشعوب في مدارس المركز (طهران والمناطق الفارسية في وسط ايران) كما تدرس حاليا اللغة والثقافة الفارسيتين في مناطقهم.
فلااتصور ان تقوم حكومة عالمية واحدة في المستقبل القريب لكنني اتصور ان على الدول التي تضم قوميات مختلفة ان تتجنب الفرقة والتشتت كي تمنع الدول الكبرى من القيام باي عدوان ضدها.

وضع المرأة الايرانية
* كيف ترين وضع المرأة الايرانية اليوم؟
– المراة الايرانية الغاضبة و المناضلة تطالب بحقوقها وسوف تنتصر. فقد ولجت المرأة الايرانية معترك النشاط المهني منذ اكثر من 80 عاما لنيل حقوقها المتكافئة مع الرجل. كما انها ناضلت قبل ذلك والى جانب الرجل من اجل اقامة الحكم الدستوري في ايران. وفي المجموع ناضلت المرأة الايرانية من اجل الحرية والمساواة مع الرجل وتحقيق حقوقها الانسانية وذلك قبل العديد من زميلاتها في الدول الشرقية، بل وبعض الدول الاوروبية. ففي العام 1925 تم تشكيل رابطة النساء الوطنيات ( جمعيت نسوان وطنخواه) في طهران على يد عدد من النساء، منهن امي السيدة فخر عظمى ارغون. وقد انشأت الرابطة انذاك مدرسة لتعليم النساء من كبار السن حيث كان يدرس فيها اللغة الفرنسية والعربية والتاريخ والجغرافية وحتى الموسيقى. ضف الى ذلك تدريس فن الخياطة والطباخة والتطريز وماشابه ذلك. اذ كان يحاضر فيها اساتذة ذلك العصر ك سعيد نفيسي وملك الشعراء بهار ورشيد ياسمي وآخرين. اتذكر في طفولتي سيديتين عربيتين جاءتا من الدول العربية الى ايران بدعوة من رابطة النساء الوطنيات وهما حُنينه الخوري التي لم ترتدي الحجاب انذاك و السيدة نورالحمادة التي كانت تستخدم شالا على شعرها. فقد زارت السيدتان بيتنا في طهران وانا في السابعة او الثامنة من عمري حيث كانتا تتكلمان بالفرنسية او العربية مع والدتي. فقد كنت انظر اليهما باعجاب واشادة لكنني لم افهم كلامهما. فقد استمرت الرابطة حتى العام 1935 ومن ثم تم انحلالها حيث التحقت بعض النساء الى جمعية المرأة الايرانية بقيادة السيدة صديقة دولت آبادي. وقد واصلت الجمعية عملها حتى العام 1941 حيث تحولت الى “منظمة النساء الايرانيات” المدعومة حكوميا.
اثمرت المساعي التي بذلتها المرأة الايرانية لنيل حقوقها في العام 1962 حيث حصلت على حق التصويت و المشاركة في الانتخابات وبات الطلاق من صلاحيات المحاكم حيث منعت الرجال من الطلاق من طرف واحد. واصبحت السيدة فروخ رو بارسا وزيرة للتعليم والتربية واحتلت العديد من النساء مناصب هامة و رسمية. (فقد تم اعدام السيدة فروخ رو بارسا في صيف عام 1979 بعيد قيام الثورة الاسلامية وذلك بتهمة الفساد والمشاركة في حكومة الشاه السابق).
وقد منعت السلطات الايرانية في العام 1935 (عهد الشاه رضا البهلوي ابو الشاه السابق) رسميا ارتداء الحجاب في ايران غيران معظم النساء الايرانيات لم يكن يتقبلن الامر حيث عادت فئات من النساء الى ارتداء الحجاب كالعباءة والمقنعة.
ودخلت المرأة الى الجامعة منذ العام 1935 ومن ثم اصبح عندنا عدد كبير من النساء الطبيبات والمهندسات والدارسات الجامعيات.
وكانت د. مهرانكيز منوشهريان من اولى الفتيات اللواتي دخلن الجامعة و اصبحت اول خريجة جامعية من النساء حيث بذلت ولسنوات عديدة جهودا لتحقيق حقوق النساء في ايران.
فقد اصبح الحجاب امرا اجباريا للنساء بعد قيام الثورة الاسلامية ويتم فرضه حاليا على معظم النساء.
وقد واصلت المرأة الايرانية خلال الثورة وبعدها، جهودها لنيل الحقوق المتكافئة مع الرجل. ولدينا حاليا نساء في البرلمان والعديد منهن يشتغلن في المؤسسات الحكومية والاهلية وفي الجامعات والمستشفيات. فلم تذخر المرأة الايرانية جهدا لنيل حقوقها الانسانية حيث تضرب وتسجن وتحقر لكنها واقفة مغرورة ومصممة لتحقيق طموحاتها.
وتضم “الرابطة الثقافية للمرأة” حاليا، النساء المثقفات حيث تقوم بانشطة ملحوظة؛ واذكر منهن السيدة نوشين احمدي خراساني والسيدة بروين اردلان. كما تنشط جمعية اخرى للنساء وهي تضم النساء المحسوبات على التيار القومي – الديني ( التيار الاسلامي الليبرالي المعروف في ايران ہ”ملي – مذهبي”).
وانا اتمنى ان يتركز نشاط النساء كله في الرابطة الثقافية الاقدم نسبيا حيث على النساء الايرانيات، الاتحاد والاتفاق للوصول قريبا الى المستقبل المشرق.
—————

القصيدتين “السماء خاوية” و”الحب آت من جديد” للشاعرة الإيرانية سيمين بهبهاني ترجمتهما عن الفارسية الأديبة السورية علياء الداية:

السماء خاوية
السماء خاوية، فارغة، من سرَق نجومها؟
تاجها القمري، صفحتها المليئة بالمجرّات الصغيرة، من ذهب بها؟
ذوائب ليلها الساحر… المضطربة،
حبال شعرها النيلي ذات الإشارات اللامعة، من ذهب بها؟
لم يعد أحد يرى أثر أقواس شُهبها!
من كسر سهامها؟ ومن سرق أقواسها؟
البستاني وحيد… وحيد، ولا يعلو الترابَ سوى الأشواك.
صفصافها الأسود، والبستان، وأزهارها الأرجوانية، من أخذها؟
وذلك الدّلب الذي يتألّم منذ زمن طويل، ويعاني من خواء الحياة!
والطيور الصغيرة في أعشاشها، من سرق أنغامها؟
ضفاف الساقية فقدت بهجة تجاورها الثمل…
من سرق رقّة انحناءاتها الفضيّة؟
كانت للأرض، في الماضي، سماءٌ زرقاء…
أما الآن، فليس ثمة شيء غير الظلام، من سرق سماءها؟

الحب آتٍ من جديد
الحب آتٍ من جديد! فافرح وابحث عنه، من جديد!
إذا لم تبق لك ثروة، فحاول أن تقترض…
إذا تحطّمتَ من الداخل، فلا تُشِع بأنك متعَب،
وإذا سئلت عن رأيك، فأشِر إلى الطرب!
يحتاج وجهك الشاحب إلى صفعة قويّة!
تعيد إليه شرارة الجمر المتّقد!
النظرة الخالية من البريق…
تستطيع أن توجد لها حلاً:
عليك بالكحل، فتتحوّل الحدقة إلى نجمة!
وانفض من على كتفك إشارة الورود الواضحة،
وزيّن يدك بالخاتم، وأذنك بالقرط…
جهّز الزاد والسّرج… كم هو شيء جيّد،
أن تركب لتستقبل الفرح الذي يتقدّم إليك!
تمهّل قليلاًَ! ثمة شيء بقي عليك إنجازه!
ضع المرآة قبالتك، وانظر إلى محيّاك فيها…
سيقال لك إنّ هذا متأخر، وأنت ضقت ذرعاً بنفسك!
نقّل خطوتك إلى زاوية، وانزوِ عن حاشية الدارَين!
—————
أدعو القراء الأعزاء إلى مشاهدة مقاطع فيديو قصيدة السيدة سيمين بهبهاني “الوطن” (دوباره ميسازمت وطن) يغنيها الفنان التاجيكي جعفر جلال، والفنان الإيراني القدير داريوش، والشاعر الإيراني فريدون فرح اندوز:
دوباره ميسازمت وطن – جعفر جلال – تاجيكستان

الفنان الإيراني القدير داريوش – دوباره ميسازمت وطن

قصيدة الوطن للسيدة سيمين بهبهاني – القاء الشاعر الإيراني فريدون فرح اندوز

موقع جلجامش – نبذة عن حياة وشعر الشاعرة الإيرانية المعاصرة سيمين بهبهاني
http://www.gilgamish.org/—print—article.php?id=16166

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *