من قتل حسين همداني في حلب | إبراهيم الزبيدي

ds66+-96ddsلا يمكن اعتبار الإعلان عن مقتل الإرهابي الإيراني الكبير حسين همداني في حلب خبر وفاة عاديا يمر بسهولة.

فقبل مقتله بأيام كانت سلطات نظام الملالي في طهران قد أقالته من قيادة قوات الحرس الثوري الإيراني المقاتلة في سوريا، بسبب ” ضعف أدائه، وفشله” في العمليات العسكرية المتتالية ضد قوات المعارضة السورية. وبعد إقالته، تم تكليفه بقيادة العمليات العسكرية للحرس الثوري في سوريا، والتنسيق بين فيلق “فاطميون” الأفغاني ولواء “زينبيون” الباكستاني والمليشيات العراقية وحزب الله اللبناني. ثم فشل أيضا.

وإنصافا، وإحقاق للحق نقول إن فشله لا يعود لضعف أدائه، ولا لقلة خبرته في القتال، وخاصة في حرب الشوارع، ولا لجبنه وقلة شجاعته وإقدامه، ولكن لبسالة المعارضة السورية التي أتقنت مقاتلة الغزاة، جميع الغزاة، سواء من شبيحة النظام الساقط، بكل صواريخه وطائراته وبراميله المتفجرة، أو من الحرس الثوري الإيراني بقادته الكبار وخبرائه العظام، و(مجاهديه) الأشداء، أو من جنود حسن نصر الله وباقي مليشيات إيران العراقية واليمنية والأفغانية الغازية.

farhangnews_151692-439302-1444379370

ففي أربع سنوات لم يبق لدى بشار، ولا لدى الحرس الثوري، ولا لدى حزب الله سلاح وحيل وخطط وجواسيس إلا استخدمت جميعُها، بكثافة وغزارة، فلم تمنع شباب المقاومة السورية من دحر هذه اللمة الجرارة كلها، ومن قتل خيرة قادتها وضباطها وجنودها، وتحرير المزيد من الجبال والسهول والمدن والقرى والمعسكرات ومطارات النظام، حتى اختنق النظام وأحبط الملالي في طهران وأنهك حزب الله ومليشيات نوري المالكي، وصار نصر الشعب السوري على جلاده أقرب من قريب.

ولأن الملالي في طهران لا يعرفون الموضوعية والأصول والعدالة في محاسبة أبنائهم الأقربين فقد أصدروا حكمهم على العميد حسين همداني بالفشل، وحملوه، شخصيا، جريرة فشل جميع قواتهم في سوريا، بكل ما أوتيت من قوة، ومن خطط، ومن خبرات وأسلحة متقدمة متطورة وذخيرة، ثم طردوه من قيادة قوات الحرس الثوري في سوريا. وحين كلفوه بالتنسيق بين فيلق (فاطميون) الأفغاني، ولواء (زينبيون) الباكستاني، والمليشيات العراقية وحزب الله، فشل في هذه المهمة أيضا، وأيضا ليس بسبب عدم كفاءته الشخصية، بل لأنهم جميعا هاجمون من الخارج، غزاة، ولأن المقاتلين السوريين مدافعون عن شرفهم، وعن أرضهم، وأمن عوائلهم، ومستقبل بلادهم، وهم الأقوى، وأعداؤهم الأضعف، في ميادين القتال.

وهنا فقط أتساءل، ألا يمكن أن يكون مقتله تنفيذا لحكمٍ بالإعدام صادر من أعلى سلطة في طهران، رغم أن الحرس الثوري ورئيس الجمهورية ووزير الدفاع ورئيس البرلمان نعوه وأسبغوا عليه الكثير من صفات البطولة، ومنحوه فرمان الشهادة، على طريقة (أقتل القتيل وامشِ في جنازته)، وعلى عادة نظام الملالي، على مدى عشرات السنين، في معاقبة أبنائه المخلصين حين تنتهي مدة صلاحيتهم ويصبحون عبئا على النظام لا يطاق؟

فالرئيس الإيراني حسن روحاني أصدر بيانا اعتبر فيه همداني “قائدا إسلاميا شجاعا” عمل جاهدا على “دعم جبهة المقاومة الإسلامية كمستشار”، بحسب نص البيان.

واعتبر رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، همداني “جنديا مخلصا لأهداف الثورة الإيرانية والمرشد الأعلى” حيث قُتل حين كان “يدافع عن الحرم الزينبي على يد الداعشيين”.

واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مقتل همداني “خسارة كبيرة”.

وأصدر وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، ونائب وزير الدفاع الإيراني حسين امير عبداللهيان، وعدد من نواب البرلمان وأئمة الجمعة أيضا بيانات عزاء خاصة أعلنوا فيها عن حدادهم بعد مقتل همداني.

ووصف سكرتير مجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، زميله همداني بـ”مالك الأشتر الزمان”. ولمن لا يعرف فإن مالك الأشتر هو القائد الشهير اتلذي كان اليد اليمنى للإمام علي في قتال خصوم خلافته، وقد مات بشربة عسل مسمومة في النهاية.

أما الحرس الثوري الإيراني فقد أصدر بيانا أعلن فيه عن مقتل قائد قواته في سوريا، اللواء حسين همداني، خلال اشتباكات في ضواحي حلب ليلة الخميس.

وجاء في البيان، أن اللواء همداني “قتل ليل الخميس في ضواحي مدينة حلب، شمال سوريا، على يد عناصر تنظيم داعش”، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل حول كيفية مقتله. وأضاف البيان أن العميد همداني “لعب دوراً مصيريا في الدفاع عن مقام السيدة زينب، وتقديم الدعم لجبهة المقاومة الإسلامية في حربها ضد الإرهابيين في سوريا”.

وذكرت وكالة (دفاع برس) التابعة للقوات المسلحة في تقرير لها أن “همداني كان المستشار الأعلى لقوات الحرس الثوري”، وقالت إنه أشرف على تأسيس ميليشيات سورية تسمى “كشاب” تضم شباناً موالين للنظام من العلويين وأهل السنة والمسيحيين والإسماعيليين، وذلك لحثهم على المقاومة على طريقة ميليشيات “الباسيج” الإيرانية.

وبحسب الوكالة فقد ساهم همداني أيضاً بتشكيل 14 مركز “باسيج” سوري في 14 محافظة، بهدف تصدير أفكار الثورة الإيرانية إلى سوريا.

ويعتبر همداني من أهم قادة حرب الـ8 سنوات بين العراق وإيران (1980-1988) وقد تولى قيادة الفرقة 27 ” محمد رسول الله” التابعة للحرس الثوري في العاصمة الإيرانية طهران.

كما كان له دور بارز في قمع الاحتجاجات التي اندلعت إثر ما قيل إنه تزوير للانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009 وما عرف لاحقا بـ “الانتفاضة الخضراء” أو الثورة الخضراء، الأمر الذي أدى إلى إدراج اسم همداني في قائمة العقوبات الدولية على إيران مع 32 مسؤولاً آخرين، في 14 أبريل 2011.

كما أفادت تقارير حقوقية دولية بتورط همداني في مساعدة النظام السوري على قتل المتظاهرين السلميين، حيث برز اسمه بقوة بعد الأزمة السورية، وقد اتهم بأنه العقل المدبر لتورط إيران في دعم النظام السوري.

ويتولى قيادة الحملة البرية لقوات الحرس الثوري الإيراني اللواء سيد مرتضى ميريان الذي يقود 1700 جندي إيراني و1500 عنصر من حزب الله والحرس الثوري والميليشيات الأفغانية والباكستانية التابعة له مع جيش النظام.

فمتى يقال سيد مرتضى ميريان، هو الآخر، ومتى يقتل، كما قتل سلفه، ثم تنعاه أبواق النظام الإيراني، أيضا، نفاقا وتقية؟؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *